يحاول البعض أن يسوق بأن حركة حماس تشعل المقاومة بالضفة الغربية ضمن منطلقات تتعلق بإضعاف السلطة الفلسطينية وصولاً إلى السيطرة على الضفة الغربية.
لكن السؤال الأهم: هل حركة حماس لوحدها ممن يشعل المقاومة بالضفة الغربية...؟ ولماذا الضفة الغربية...؟ وأين قطاع غزة...؟
أولاً: من يقف خلف إشعال المقاومة بالضفة الغربية...؟
دوافع المقاومة بالضفة الغربية مرتبطة بوجود الاحتلال والاستيطان، ولكن زيادة وتيرتها نابعة من ثلاثة منطلقات هي: انسداد الأفق السياسي – السلوك الصهيوني في الضفة الغربية المنسجم وسياسة حسم الصراع عبر التمدد الاستيطاني – إدراك فصائل المقاومة بأنه لا يمكن لمشروع التحرر الوطني أن ينجز دون أن تكون الضفة الغربية ببعدها الجيوسياسي جزءً أصيلاً من محور المقاومة.
وفقاً لما سبق نستطيع القول أن فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسهم حركة حماس ليسوا لوحدهم ممن يشعلون جبهة الضفة الغربية، بل هناك عوامل عديدة تم ذكرها بالمقال دفعت الفلسطينيين بأن يشكلوا حواضن قوية لفكرة المقاومة، وقيادة فعل ميداني يشار له بالبنان.
ثانياً: لماذا الضفة الغربية...؟
مساحة الضفة الغربية 5860كم2، مساحة محافظة الخليل لوحدها 997 كم2 ما يعادل 16% من مساحة الضفة الغربية، وبلغ عدد سكان الضفة الغربية حوالي 3.19 مليون نسمة حتى منتصف 2022م، في الخليل لوحدها يعيش 782 ألف نسمة، وسط طبوغرافيا ليست سهلة بالنسبة للاحتلال وهو ما يفسر ويؤكد أن مشروع الاستيطان في الضفة الغربية بعده الرئيس جيو سياسي لمنح دولة الاحتلال عمقاً استراتيجياً يحمي كيانها المزعوم، وهي سياسة مستمرة بدأت عندما احتلت إسرائيل سيناء، لتشكل عمقاً لحدودها الجنوبية، وكذلك الجولان وجنوب لبنان، ولكن الجيش المصري استعاد أرضه عام 1973م، وكذلك المقاومة الإسلامية في لبنان استعادت ترابها، وهو ما أضعف فكرة العمق لدولة الاحتلال، واشتعال المقاومة بالضفة وابتكار كافة أشكال المقاومة من شأنه استنزاف العدو، حيث يحتاج لمئات الكتائب والألوية من أجل تحقيق الأمن بالضفة في حال دخلت كافة المحافظات وشاركت جموع شعبنا بالمقاومة بكافة أشكالها، وهذا يشكل بداية العمل على وحدة ساحات تؤسس للحظة الاستراتيجية في معركة متعددة الجبهات، ينقلب فيها سلاح الفلتان الأمني والجريمة المنظمة في الداخل المحتل ليوجه إلى صدر العدو بجانب المقاومة في غزة والضفة الغربية والجنوب اللبناني وغيرها من الجبهات التي ممكن أن تساهم في تحقيق الهدف الوطني الاستراتيجي للمشروع الوطني المتمثل بالعودة والتحرير.
ثالثاً: أين قطاع غزة...؟
لا يمكن الإجابة على سؤال غزة إلى أين دون البحث في خيارات قطاع غزة، والتي نحصرها ضمن ثلاثة خيارات: (خيار الرد العسكري وتداعياته عدوان واسع على القطاع ونتائجه حرف الأنظار عن ما يجري بالضفة الغربية واستنزاف لقطاع غزة ومقاومته – خيار مسيرات العودة والارباك الليلي – خيار المسيرات السلمية في قلب المدن).
في تقديري أن غرفة العمليات المشتركة حسب تحليلي لمناورة الركن الشديد 4 فإن توجهاتها تجاه سيناريو العمل العسكري الواسع لا يقوم على فكرة رد الفعل بقدر أنها قائمة ضمن رؤية موحدة بأن يتم تجنيب المقاومة أي فعل من شأنه أن يستنزف المقاومة دون تحقيق نتائج سياسية وعليه فإن مناورة الركن الشديد 4 ومحاكاة سيناريو اقتحام مدن داخل الكيان يؤكد بأن المقاومة العسكرية تراكم القوة للحظة الاستراتيجية عبر معركة متعددة الجبهات تؤسس لفكرة التحرير والعودة، وأن الأولوية الآن لخيارات المقاومة الشعبية على طول حدود غزة، وفي عمق المدن كشكل من أشكال التضامن والاسناد للفعل المقاوم بالضفة الغربية، ولكن في تقديري يبقى العمل العسكري مطروح للرد على العدوان.