يواجه موظفو السلطة في قطاع غزة، أزمات عدة ظهرت في حياتهم بعد قرار الحكومة بخصم 30 % من رواتبهم بسبب الأزمة المالية التي تواجهها.
وكانت شريحة الموظفين الذي يتبعون للسلطة أكثر الفئات استقرارًا من ناحية الجوانب الاقتصادية لانتظام صرف الرواتب كاملة على عكس موظفي الحكومة السابقة في غزة، وباقي الشرائح الاجتماعية التي تعاني من آثار التدهور الاقتصادي.
وأرجعت الحكومة الخصومات على موظفي غزة دون الضفة إلى "أسباب تتعلق بالحصار المالي الخانق الذي يفرض على فلسطين إضافة لانعكاسات آثار الانقسام وحصار وإجراءات الاحتلال الرهيبة".
ويقول أحد الموظفين العسكريين بالسلطة " أ، ن" إنه: يعاني لتوفير احتياجات يوميه حتى يتمكن نهاية الشهر من دفع إيجار المنزل الذي يقطن به".
ويقيم المواطن، مع زوجته وأطفاله الصغار، في منزل للإيجار بمدينة غزة منذ ما يزيد عن 5 سنوات، معتمدًا بشكلٍ كاملٍ على راتب السلطة الوطنية، حيث لم يدفع إيجار المنزل منذ قرار الخصم.
شبح الإيجار والالتزامات
أما الموظف "أبو محمد" 40 عامًا، الذي سحب قرضًا من أحد البنوك بغزة ليمتلك منزلًا خاصًا بعد سنوات عدة بإيجار، يقول لـ الوطنية: راتبي لا يتجاوز 3500 شيكل، وبعد الخصومات المفروضة وخصم البنك للقرض أصبح 500 شيك فقط.
ويؤكد أبو محمد أن ما تبقى من راتبه لا يكفي لسد احتياجات أسرته حتى نهاية الشهر، وذلك بسبب الالتزامات والاحتياجات الأساسية في المنزل.
ويتوقع الموظف حدوث خلافات وإشكاليات مع مالك المنزل لعدم قدرته على توفير الالتزامات المترتبة عليه بعد قرار خصم الرواتب.
ويتقسم راتب موظف السلطة في غزة حاليًا على سداد القروض ودفع أجرة المنزل، ثم خصم 170 شيكل من فاتورة استهلاك الكهرباء حسب قرار الحكومة الذي فرض عام 2013، بالإضافة للاحتياجات الدورية للأسرة والملتزمات المنزلية.
من ناحيته، أكد المستثمر ومالك "عمارات الملش" أبو إبراهيم الملش، أنه سيتخذ الإجراءات القانونية بحق جميع الموظفين غير الملتزمين بدفع الأموال المترتبة عليهم.
وعلل الملش نيته اتخاذ الإجراءات القانونية، بقوله: نحن أيضًا لدينا التزامات ويجب علينا الالتزام بها لذلك سنتخذ الإجراءات القانونية، مضيفًا أن "الحركة الاقتصادية بغزة كانت مشلولة سابقًا بسبب الحصار المفروض منذ ما يزيد عن 11 عامًا ولكن قرار الخصومات زاد الأمر سوءًا وتعقيدًا للجميع.
وأحدثت الخصومات ردود فعل غاضبة من موظفي السلطة في القطاع والفصائل الفلسطينية، ودعوا للتراجع عن القرار، ونظم آلاف الموظفين تظاهرات في غزة رفضًا له.
تطبيق القانون
من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي محمد أبو جياب، أن أزمة الرواتب ماضية إلى مزيد من التطور وانعكاساتها تزداد يومًا بعد الآخر، مؤكدًا أن الأزمة ذاهبة لمزيد من التعقيدات المالية والاقتصادية والخدماتية بغزة.
وعن الوعود السياسية وقرب انتهاء الأزمة، قال إن "أزمة الرواتب هي البداية فقط ولم تكن النهاية، ومن يعتقد أن هذه الأزمة ستحل في مطلع الشهر المقبل فهو مخطأ، الأمور المقبلة أكثر خطورة مما جرى".
وطالب أبو جياب جهات القانون بالتعاطي مع هذه الأزمات بروح القانون وبحكمة بعيدًا عن تطبيق القانون بتفاصيله، مؤكدًا أن تطبيق القانون في هذه القضايا المالية سيضع آلاف المواطنين في السجون، وسيحدث حاله من التفكك الاجتماعي الخطير وذلك سينعكس على أمن المجتمع.
واعتبر أبو جياب أن اتخاذ الإجراءات القانونية كما ينص عليها القانون ستكون كبيرة من الكبائر وستزيد الأزمة من التعقيد، دعيًا جهات القانون للجوء إلى الأساليب التي تعالج وتخفف من حدة الأزمة وأن تحافظ على النسيج الاجتماعي بعيدًا عن التغني بالقانون الذي لن يجدي نفعًا من أجل الحفاظ على النسيج الاجتماعي.
المصدر : شروق شاهين - الوطنية