قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنَّ تحرير فلسطين واجب الشعب الفلسطيني بصفة خاصة، وواجب الأمة العربية والإسلامية بصفة عامة، وهو أيضاً مسؤولية إنسانية وفق مقتضيات الحق والعدل.

وأكدت الحركة في وثيقتها الجديدة التي كشفت عنها مساء اليوم الاثنين، أنَّ دوائر العمل لفلسطين سواء كانت وطنية أم عربية أم إسلامية أم إنسانية هي دوائر متكاملة متناغمة، لا تعارض بينها.

وأوضحت أن مقاومة الاحتلال، بالوسائل والأساليب كافة، حقّ مشروع كفلته الشرائع السماوية والأعراف والقوانين الدولية، وفي القلب منها المقاومة المسلحة التي تعدُّ الخيارَ الاستراتيجي لحماية الثوابت واسترداد حقوق الشعب الفلسطيني.

ورفضت "حماس" المساس بالمقاومة وسلاحها، مؤكدة على حق شعبنا في تطوير وسائل المقاومة وآلياتها.

المقاومة والتهدئة

وبينت أن إدارة المقاومة من حيثُ التصعيدُ أو التهدئة، أو من حيث تنوّعُ الوسائل والأساليب، يندرج كلّه ضمن عملية إدارة الصراع، وليس على حساب مبدأ المقاومة.

كما أكد "حماس" أن فلسطين بحدودها من نهر الأردن شرقاً إلى البحر المتوسط غرباً، ومن رأس الناقورة شمالاً إلى أمّ الرشراش جنوباً وحدة إقليمية لا تتجزّأ، وهي أرضُ الشعب الفلسطيني ووطنُه.

وأردفت أن طردَ الشعب الفلسطيني وتشريدَه من أرضه، وإقامة احتلال إسرائيلي عليها، لا يلغي حقَّ الشعب الفلسطيني في كامل أرضه، ولا ينشىءُ أي حق للكيان للاحتلال الغاصب فيها.

وتابعت: فلسطين أرض عربية إسلامية، وهي أرض مباركة مقدّسة، لها مكانتها الخاصة في قلب كلّ عربي ومسلم.

وعن المشروع الإسرائيلي، أكدت "حماس" في وثيقتها، بأنه مشروع عنصري، عدواني، إحلالي، توسعي، قائم على اغتصاب حقوق الآخرين، ومعادٍ للشعب الفلسطيني وتطلّعاته في الحرية والتحرير والعودة وتقرير المصير.

واعتبرت بأن المشروع الإسرائيلي لا يستهدف الشعب الفلسطيني فقط، بل هو عدوٌّ للأمَّة العربية والإسلامية، ويشكّل خطراً حقيقياً عليها، وتهديداً بالغاً لأمنها ومصالحها، كما أنّه معادٍ لتطلّعاتها في الوحدة والنهضة والتحرّر، وهو سبب رئيس لما تعانيه الأمة اليوم، ويشكّل المشروع الإسرائيلي أيضاً، خطراً على الأمن والسّلم الدّوليَين، وعلى المجتمع الإنساني ومصالحه واستقراره. 

وقالت إنَّ: الصراع مع المشروع الإسرائيلي ليس صراعاً مع اليهود بسبب ديانتهم؛ وحماس لا تخوض صراعاً ضد اليهود لكونهم يهوداً، وإنَّما تخوض صراعاً ضد الصهاينة المحتلين المعتدين؛ بينما قادة الاحتلال هم من يقومون باستخدام شعارات اليهود واليهودية في الصراع، ووصف كيانهم الغاصب بها.

ورفضت "حماس" اضطهاد أيّ إنسان أو الانتقاص من حقوقه على أساس قومي أو ديني أو طائفي، وترى أنَّ المشكلة اليهودية والعداء للسامية واضطهاد اليهود ظواهر ارتبطت أساساً بالتاريخ الأوروبي، وليس بتاريخ العرب والمسلمين ولا مواريثهم. وأنَّ الحركة الصهيونية -التي تمكّنت من احتلال فلسطين برعاية القوى الغربية- هي النموذج الأخطر للاحتلال الاستيطاني، الذي زال عن معظم أرجاء العالم، والذي يجب أن يزول عن فلسطين.

الاحتلال والتسوية

وعن موقفها من الاحتلال والتسوية السياسية، أكد أن الموقف يُعدُّ منعدماً كلٌّ من تصريح "بلفور"، وصكّ الانتداب البريطاني على فلسطين، وقرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، وكلّ ما ترتّب عليها أو ماثلها من قرارات وإجراءات.

وقالت إنَّ: قيام "إسرائيل" باطلٌ من أساسه، وهو مناقضٌ لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، ولإرادته وإرادة الأمة، ولحقوق الإنسان التي تكفلها المواثيق الدولية، وفي مقدّمتها حقّ تقرير المصير.

وأضافت "لا اعترافَ بشرعية الاحتلال؛ وإنَّ كلّ ما طرأ على أرض فلسطين من احتلال أو استيطان أو تهويد أو تغيير للمعالم أو تزوير للحقائق باطلٌ؛ فالحقوق لا تسقط بالتقادم".

وتابعت الحركة: لا تنازلَ عن أيّ جزء من أرض فلسطين، مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط، ومهما طال الاحتلال.

ورفضت "حماس" أي بديلٍ عن تحرير فلسطين تحريراً كاملاً، من نهرها إلى بحرها. ومع ذلك - وبما لا يعني إطلاقاً الاعتراف بالاحتلال الاسرائيلي، ولا التنازل عن أيٍّ من الحقوق الفلسطينية.

واعتبر "حماس" أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة.

وأكدت أن اتفاقات أوسلو وملحقاتها تخالف قواعد القانون الدولي الآمرة من حيث إنها رتبت التزامات تخالف حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، ولذلك فإن الحركة ترفض هذه الاتفاقات، وما ترتب عليها من التزامات تضر بمصالح شعبنا، وخاصة التنسيق "التعاون" الأمني.

ورفضت "حماس" جميع الاتفاقات والمبادرات ومشروعات التسوية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية أو الانتقاص من حقوق شعبنا الفلسطيني، مؤكدة أن أيَّ موقفٍ أو مبادرةٍ أو برنامجٍ سياسيّ يجبُ أن لا يمس هذه الحقوق، ولا يجوزُ أن يخالفها أو يتناقضَ معها.

وأكد أن ظلم الشعب الفلسطيني واغتصاب أرضه وتهجيره منها لا يمكن أن يُسمى سلاماً، مشيرًا إلى أن أي تسويات تقوم على هذا الأساس، لن تؤدي إلى السلام؛ وستظل المقاومة والجهاد لتحرير فلسطين حقاً مشروعاً وواجباً وشرفاً لكل أبناء شعبنا وأمتنا.

النظام السياسي

وعن النظام السياسي الفلسطيني، قالت إن الدولة الفلسطينية الحقيقية هي ثمرة التحرير، ولا بديلَ عن إقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على كل التراب الوطني الفلسطيني، وعاصمتها القدس.

وأكد "حماس" أنها تتمسك بإدارة علاقاتها الفلسطينية على قاعدة التعددية والخيار الديمقراطي والشراكة الوطنية وقبول الآخر واعتماد الحوار، بما يعزّز وحدة الصف والعمل المشترك، من أجل تحقيق الأهداف الوطنية وتطلّعات الشعب الفلسطيني.

واعتبر أن منظمة التحرير الفلسطينية إطار وطني للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج يجب المحافظة عليه، مع ضرورة العمل على تطويرها وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية، تضمن مشاركة جميع مكونات وقوى الشعب الفلسطيني، وبما يحافظ على الحقوق الفلسطينية. 

وشددت "حماس" على ضرورة بناء المؤسسات والمرجعيات الوطنية الفلسطينية على أسس ديمقراطية سليمة وراسخة، في مقدمتها الانتخابات الحرة والنزيهة، وعلى قاعدة الشراكة الوطنية، ووفق برنامج واستراتيجية واضحة المعالم، تتمسّك بالحقوق وبالمقاومة، وتلبّي تطلّعات الشعب الفلسطيني.

وقالت "حماس" إن دور السلطة الفلسطينية يجب أن يكون في خدمة الشعب الفلسطيني وحماية أمنه وحقوقه ومشروعه الوطني.

وشدد "حماس" على ضرورة استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وعدم ارتهانه لجهات خارجية، وتؤكد في الوقت ذاته على مسؤولية العرب والمسلمين وواجبهم ودورهم في تحرير فلسطين من الاحتلال.

وقال إنَّ: مختلفَ مكوّنات المجتمع من شخصيات ورموز ووجهاء ومؤسسات المجتمع المدني، والتجمّعات الشبابية والطلابية والنقابية والنسائية، العاملة من أجل تحقيق الأهداف الوطنية، هي روافد مهمّة لعملية البناء المجتمعي ولمشروع المقاومة والتحرير.

وأضافت أن دور المرأة الفلسطينية أساس في بناء الحاضر والمستقبل، كما كان دائماً في صناعة التاريخ الفلسطيني، وهو دور محوري في مشروع المقاومة والتحرير وبناء النظام السياسي.

القدس

كما أكد أن القدس عاصمة فلسطين، ولها مكانتها الدينية والتاريخية والحضارية، عربياً وإسلامياً وإنسانياً؛ وجميع مقدساتها الإسلامية والمسيحية، هي حقّ ثابت للشعب الفلسطيني والأمَّة العربية والإسلامية، ولا تنازل عنها ولا تفريط بأيّ جزء منها؛ وإنَّ كلّ إجراءات الاحتلال في القدس من تهويدٍ واستيطانٍ وتزوير للحقائقِ وطمس للمعالمِ منعدمة.

وأضافت أن "المسجد الأقصى المبارك حق خالص لشعبنا وأمتنا، وليس للاحتلال أي حق فيه، وإن مخططاته وإجراءاته ومحاولاته لتهويد الأقصى وتقسيمه باطلة ولا شرعية لها".  

وقالت إن القضية الفلسطينية هي في جوهرها قضية أرض محتلة وشعبٍ مُهجَّر؛ وإنَّ حقَّ العودة للاجئين والنازحين الفلسطينيين إلى ديارهم التي أُخرجوا منها، أو منعوا من العودة إليها، سواء في المناطق التي احتلت عام 1948 أم عام 1967"أي كل فلسطين"، هو حقٌّ طبيعي، فردي وجماعي، تؤكدُه الشرائع السماوية والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، والقوانين الدولية، وهو حقّ غير قابل للتصرّف من أيّ جهة كانت، فلسطينية أو عربية أو دولية.

ورفضت "حماس" كلّ المشروعات والمحاولات الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين، بما في ذلك محاولات توطينهم خارج فلسطين، ومشروعات الوطن البديل.

وأكدت أنَّ تعويضَ اللاجئين والنازحين الفلسطينيين عن الضرر الناتج عن تشريدهم واحتلال أرضهم هو حقّ ملازم لحق عودتهم، ويتم بعد تنفيذ هذا الحق، ولا يلغي حقّهم في العودة ولا ينتقص منه. 

الأمة العربية والإسلامية

وعن الأمة العربية والإسلامية، قال "حماس" إنها تؤمن بأن قضية فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية.

كما أكدت أنها تؤمن "حماس" بوحدة الأمَّة بكلّ مكوّناتها المتنوعة، وترى ضرورةَ تجنب كل ما من شأنه تمزيق صف الأمة ووحدتها.

وأضافت بأنها تؤمن بالتعاون مع جميع الدول الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، وترفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

وترفض "حماس" الدخول في النزاعات والصراعات بينها.

وتبنت "حماس" سياسة الانفتاح على مختلف دول العالم، وخاصة العربية والإسلامية؛ وتسعى إلى بناء علاقات متوازنة، يكون معيارُها الجمعَ بين متطلبات القضية الفلسطينية ومصلحة الشعب الفلسطيني، وبين مصلحةِ الأمَّة ونهضتها وأمنها.

الجانب الإنساني

وعن الجانب الإنساني والدولي، قالت إن القضية الفلسطينية قضية ذات أبعاد إنسانية ودولية كبرى؛ وإنَّ مناصرتها ودعمها هي مهمَّة إنسانية وحضارية، تفرضها مقتضيات الحق والعدل والقيم الإنسانية المشتركة.

وأضافت أن تحريرَ فلسطين من ناحية قانونية وإنسانية عمل مشروع تقتضيه ضرورات الدّفاع عن النفس، وحقّ الشعوب الطبيعي في تقرير مصيرها.

وأكدت "حماس" بأنها تؤمن في علاقاتها مع دول العالم وشعوبه، بقيم التعاون، والعدالة، والحرية، واحترام إرادة الشعوب.

ورحبت بمواقف الدول والمنظمات والهيئات الداعمة لـحقوق الشعب الفلسطيني، وتحيّي أحرار العالم المناصرين للقضية؛ كما تدين دعمَ أيّ جهة أو طرف الاحتلال، أو التغطية على جرائمه وعدوانه على الفلسطينيين، وتدعو إلى ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيلية.

ورفضت "حماس" محاولات الهيمنة على الأمة العربية والإسلامية، كما رفضت محاولات الهيمنة على سائر الأمم والشعوب، وتدين أيّ شكل من أشكال الاستعمار والاحتلال والتمييز والظلم والعدوان في العالم.

وعن الإسلام وفلسطين، أوضحت أن فلسطين في موقع القلب من الأمة العربية والإسلامية، وتحتفظ بأهمية خاصة، ففيها بيت المقدس الذي بارك الله حوله، وهي الأرض المقدسة التي بارك الله فيها للعالمين، وهي قبلة المسلمين الأولى، ومسرى رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - ومعراجه إلى السماء، ومهد المسيح - عليه السلام - وفي ثراها رفات الآلاف من الأنبياء والصحابة والمجاهدين، وهي أرض القائمين على الحق - في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس - الذين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله.

وأضافت أنها: تفهم الإسلام بشموله جوانب الحياة كافة، وصلاحيته لكل زمان ومكان، وروحه الوسطية المعتدلة؛ وتؤمن أنه دين السلام والتسامح، في ظله يعيش أتباع الشرائع والأديان في أمن وأمان؛ كما تؤمن أنَّ فلسطين كانت وستبقى نموذجاً للتعايش والتسامح والإبداع الحضاري.

وأكدت أنها تؤمن بأنَّ رسالة الإسلام جاءت بقيم الحق والعدل والحرية والكرامة، وتحريم الظلم بأشكاله كافة، وتجريم الظالم مهما كان دينه أو عرقه أو جنسه أو جنسيته؛ وأنَّ الإسلام ضدّ جميع أشكال التطرّف والتعصب الديني والعرقي والطائفي، وهو الدّينُ الذي يربّي أتباعه على ردّ العدوان والانتصار للمظلومين، ويحثّهم على البذل والعطاء والتضحية دفاعاً عن كرامتهم وأرضهم وشعوبهم ومقدساتهم.

المصدر : الوطنية