أكد رئيس الوزراء رامي الحمدالله، أن "إسرائيل" كانت ولا تزال تحاول تزوير التاريخ وتزييفه الحقائق بانتهاكاتها وممارساتها الهادفة إلى اغتصاب الأرض من أصحابها الشرعيين وإحكام قبضتها على مقدساتها الإسلامية والمسيحية.
وقال الحمد الله خلال كلمته في المنتدى الدولي لأوقاف القدس، المنعقد اليوم الاثنين في مدينة اسطنبول التركية بحضور ورعاية رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان،: "إن استمرار الأسرة الدولية في صمتها المطبق حيال ما يحصل في فلسطين، وفي القدس خاصة، إنما يغذي الأطماع الإسرائيلية هذه ويوسعها، وسيحيل الصراع إلى نزاع ديني لن تحمد عقباه.
وأضاف "لقد أكدنا ولا نزال، بأن القدس خط أحمر، ولن نسمح لأحد بتجاوزه، فهذه المدينة هي مهد الديانات السماوية، مهبط الوحي والإلهام، ومحط أنظار المسلمين والمسيحيين من كل حدب وصوب.
وشكر الحمدالله باسم الرئيس محمود عباس والشعب الفلسطيني، الرئيس رجب طيب أردوغان، والحكومة والشعب التركي على وقوفهم الدائم مع نضال شعبنا ودعمهم لحقوقنا المشروعة، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير في دولتنا المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف.
أوجاع غزة والقدس
وقال الحمدالله "جئتكم اليوم من فلسطين المحتلة الصامدة في وجه الاحتلال الإسرائيلي حاملا معاناة أهلنا في القدس الذين يتصدون لمحاولات تغيير الطابع العربي الإسلامي والمسيحي لمدينتهم ومقدساتها، ومحملا بوجع أهلنا في غزة المكلومة المحاصرة، الذين يفرض الاحتلال الإسرائيلي عليهم عقابا جماعيا ويخنقهم بحصار ظالم يصادر أبسط مقومات حياتهم.
وأضاف "إنني أحمل إليكم أيضا، نداء ومعاناة أبناء شعبنا في الأغوار وفي كل شبر من أرض وطننا، الذين يعانون من الحصار والظلم والعدوان، ويطوقهم الاستيطان والجدار ويتهددهم المزيد من مصادرة الأرض والموارد".
واستطرد الحمد الله: "أحمل معي من فلسطين الأسيرة، معاناة أسرى الحرية في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي، الثائرين في وجه الظلم والقهر وقساوة الأسر والسجان، الذين يصرون على نيل حقوقهم الإنسانية الأساسية والانتصار لمعاناة شعبنا وتطلعاته، ويواصلون إضرابهم المفتوح عن الطعام، رافعين راية الحرية والكرامة، ومسطرين، بأمعائهم الخاوية، وعزيمتهم التي لا تلين، ملحمة تاريخية في الصمود والتحدي.
وطالب المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته الإنسانية والأخلاقية لنصرة أسرانا البواسل وإنقاذ حياتهم، وإلزام إسرائيل بإنهاء ممارساتها القمعية ضدهم، والاستجابة لمطالبهم العادلة، كمقدمة للإفراج عنهم جميعا دون استثناء أو شروط".
واستدرك: "لقد أرست الرسالتان الإسلامية والمسيحية، قواعد العدل بين الناس وحرمت الظلم بكافة أشكاله، وأن الحضارة التي بناها المسلمون والمسيحيون معا في أرض الرباط، إنما تشكل تجربة حضارية رائدة، جعلت لفلسطين تراثا روحيا وحضاريا وثقافيا هاما، وجعلت منها حضنا للحضارات والأديان.
طالب مسحيي الشرق بالتشبث بتراب الوطن، "ميراثنا الشرعي من أجدادنا وآبائنا، فهذا الوطن لنا منذ آلاف السنين، وجذورنا ضاربة فيه، وعليه سنظل راسخين".
"إسرائيل" تبث التحريض
وأكد أن "إسرائيل" عملت جاهدة بكافة الوسائل والطرق، منذ أن احتلت الأراضي الفلسطينية عام 1967، السيطرة على مدينة القدس وتغيير معالمها وعزلها عن محيطها العربي والإسلامي، بهدف تهويدها واقتلاع الوجود العربي فيها.
وقال إن: ما تقوم به إسرائيل ليس مخالفا للقانون الدولي فحسب، بل ومخالفا أيضا لروح العصر الذي ينبذ كافة أشكال الظلم والاضطهاد.
وأكد أن الحكومة الإسرائيلية تبث التحريض والكراهية ضد شعبنا، وتعتمد القوانين المخالفة للقانون الدولي والإنساني.
وأضاف رئيس الوزراء: "لقد مر الدور الأردني الهاشمي، في الحفاظ على المسجد الأقصى المبارك وحماية مقدساته بل وإعمارها وصيانتها، بمراحل طويلة، وهو لا يزال حتى الآن، دورا مستمرا وراسخا رغم الظروف السياسية الصعبة والمعقدة.
وقال الحمد الله: "إننا نثمن عاليا الدور الهام الذي تلعبه المملكة المغربية الشقيقة بقيادة جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس. في دعم القدس معنويا وسياسيا وماديا، لتعزيز هويتها وصون مكانتها التاريخية، حيث قامت من خلال، وكالة بيت مال القدس الشريف، بإنشاء ووقف المركز الثقافي المغربي في القدس. وإنشاء عدة مدارس ووقفها لصالح التربية والتعليم، كما تقوم يوميا بإطعام الفقراء من خلال الوقف الخيري الذي أنشأته في المدينة المقدسة".
وأضاف الحمد الله: "لقد تركزت الطاقات والجهود الحكومية، وبشراكة مع قطاعنا الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والأهلي، على نجدة أهلنا في القدس وتنمية قدرتهم على الصمود وحماية مقدساتهم. وتعتبر "اللجنة الوطنية العليا للقدس" التي شكلت بمرسوم رئاسي، والتي يرأسها الرئيس محمود عباس، الإطار الجامع والموحد لكافة المؤسسات والهيئات العاملة في القدس والمختصة في شؤونها، والحاضنة الكبرى للمشاريع والأولويات والتدخلات والفعاليات التي تنفذ فيها، وفي كافة القطاعات.
كما حرصت الحكومة، من خلال مؤتمر بيت المقدس، الذي دأبت على عقده سنويا، تكريسا لنهج الحاج أمين الحسيني، مفتي القدس وابنها البار، لتسليط الضوء على معاناة شعبنا في القدس كما تطلعاتهم، ولحشد الالتفاف العربي والدولي لتعزيز بقائهم في مواجهة مخططات التهويد والتهجير".
ووجه رئيس الوزراء دعوته للمستثمرين من الدول العربية والإسلامية الشقيقة، للاستثمار وعلى نطاق واسع، في أراضي الأوقاف التي تتركز غالبيتها في القدس وحولها، وبما يساهم في الحفاظ عليها من المصادرة والضياع، ويحقق عوائد اقتصادية هامة تساهم في تحسين مضمونها اقتصاديا وتنمويا واجتماعيا.
وناشد رئيس الوزراء المجتمع الدولي الوفاء بالتزاماته المالية ومسؤولياته السياسية والتاريخية تجاه القدس، واتخاذ موقف موحد وصارم وفاعل، لإعانة المقدسيين على التحدي والصمود وحماية حقهم الطبيعي في التعليم والصحة والسكن.
وشدد على أهمية توفير وتوجيه الدعم لقطاع الإسكان في القدس، من خلال منح البناء وإعادة الترميم.
واعتبر أن "السكن"، أبرز أوجه معاناة المقدسيين في ظل ما تفرضه حكومة الاحتلال وبلديتها في القدس، من قوانين صارمة تمنعهم من ترميم منازلهم أو البناء على أرضهم، بالإضافة الى مصادرة الأراضي وهدم المنازل والمنشآت.
وأشار إلى ان أبناء شعبنا المرابطون في القدس، يعيشون في غمار معاناة حقيقية ومتفاقمة، وفي بيوت قديمة تفتقر لأدنى مقومات الصحة.
تعليم القدس
وتابع الحمد الله: "تواجه مؤسساتنا المقدسية، التعليمية والصحية، الكثير من الصعوبات والتحديات، مما يتطلب تنمية وتعزيز قدراتها المالية لتمكينها من القيام بواجباتها في خدمة الوطن والمواطنين.
وأكد أن مأسسة واستدامة الدعم الموجه لقطاع التعليم في القدس، أولوية كبرى، لمواجهة المخططات الإسرائيلية لتغيير المنهاج الفلسطيني والعبث بمضمونه الوطني والتعليمي.
وقال: إننا جميعا مطالبون، بحماية القدس وتنمية قدرات مؤسساتها وحماية مقدساتها وتطوير اقتصادها، وبما يضمن حماية عروبة المدينة ومكانتها كعاصمة أبدية لدولة فلسطين، ويرسخ دورها الحضاري والإنساني، كحاضنة وحامية للأديان ولقيم التعايش والتسامح".
وطالب الحمد الله الأمم المتحدة بموقف واضح وفاعل، لكبح جماح إسرائيل ومنع توسعها في الاستعمار والاستيطان، ومنع تغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي لمدينة القدس، وإنهاء أطول احتلال عسكري عرفه العصر الحديث، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره وبناء دولته.
وأكد أن هذا وحده كفيل بوضع حد للتعصب والتطرف، ويشكل مفتاح الأمن والاستقرار في عموم المنطقة. مختتما كلمته: "لقد آن الأوان للانتصار لمعاناة شعبنا وإحقاق حقوقه غير القابلة للتصرف، وتمكينه من العيش بحرية وكرامة وأمن في وطنه كباقي شعوب الأرض".
المصدر : الوطنية