جند أنصار الله .. جيش الأمة.. جماعة أنصار بيت المقدس.. جيش الإسلام. جلجت .. جيش التحرير .. كتائب التوحيد والجهاد.. أهل السنة والجماعة.. كتائب سيوف الحق..
أسماء متعددة لتنظيمات وجماعات جهادية وسلفية كانت ولازالت تنشط تارةً في الخفاء وتارة في العلن في قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من ثماني سنوات على التوالي..
اللافت في الأمر أن أياً من تلك الجماعات برمتها لم تأخذ صدى ومساحة من حديث الساسة والشارع في قطاع غزة مثلما أخذ ما يسمى "تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد الشام والعراق "داعش" –الحديث نسبياً- وإمكانية وجود خلايا نائمة لهذا التنظيم في مناطق متفرقة من القطاع المهيئ في مزاجه العام ووضعه الخاص لتقبل وامتصاص أي فكر جديد يحمل في طياته وشعاراته الحرية والخلاص لكافة دول العالم الإسلامي..
فتنظيم "داعش" الذي يتبنى الفكر السلفي الجهادي يهدف –حسب ما ينشر- إلى إعادة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية؛ وبالطبع فإن القضية الفلسطينية وتحرير المسجد الأقصى واحدة من أهم القضايا المركزية والجهادية التي يسعى إليها هذا التنظيم. ولعل ذلك جاء صراحة على لسان أبو مصعب الصفوري ذاك الشاب الذي لم يتجاوز الـ(25) عاماً حيث ترك بيته وعائلته في مدينة الناصرة شمال فلسطين وسافر إلى سوريا للقتال في صفوف تنظيم داعش مؤكداً عبر شريط فيديو نشر على موقع اليوتيوب بأن "وجهتنا القريبة ستكون بإذن الله الأقصى والقدس الشريف، وإسرائيل تعي ذلك جيداً".
إذن الحديث القطعي عن عدم وجود عناصر تنشط في الخفاء لهذا التنظيم في قطاع غزة .. والتطمينات المستمرة لحكومة حركة حماس في غزة بأنها تتعقب كل محاولات التأسيس لهذا التنظيم قد تبوء بالفشل لا سيما وأن وزارة الداخلية اعتقلت ولا زالت عدد من العناصر التابعة لهذا التنظيم، ناهيك عن بيانات النعي التي نشرها التنظيم علناً في غزة لعدد من الشبان الغزيين الذين قتلوا في سوريا والعراق أثناء قتالهم في صفوف داعش هناك.
حماس التي أنهت جولات حامية من القتال مع إسرائيل في 2008-2009، 2011، 2014م، غير معنية بفتح جبهة نزاع داخلي مع مثل هذا التنظيم الذي قد لا تختلف معه في وجوب إقامة الخلافة الإسلامية؛ بل علها تترك له الباب موارباً وتترك موضوع مجابهته لحكومات قادمة قد تتشكل ليس لها بعد أي قوة أو أي نوع من السيطرة على قطاع غزة.
وفي أسوأ الظروف قد تلجأ حماس للحوار الفكري والتنسيق الخفي مع "الدواعش في غزة" بما يخدم مصالحها المحلية والإقليمية لا سيما وأنها لن تدخل معهم في ملاحقات أمنية وجولات وصولات قتالية كما فعلت في عام 2009 مع الدكتور عبد اللطيف موسى الذي يعرف باسم أبو النور المقدسي وهو زعيم ومؤسس تنظيم جند أنصار الله في فلسطين بعد أن أنهى خطبة الجمعة معلناً عن الإمارة الإسلامية في رفح جنوب قطاع غزة، حيث دخلت في مواجهات دامية معه أدت إلى مقتله وحوالي عشرين من أنصاره خشية أن ينافسها في حكم القطاع ويتصادم مشروعها الإسلامي مع مشروع إمارته.
كما أن تنظيم داعش بشكل عام في اتساع عددي ومناطقي، وحماس التي منذ أن وصلت سدة الحكم في قطاع غزة في العام 2006 وقبضت على القطاع بيد من حديد ولم تسمح لها بأي منافس على الساحة لم تعد هي ذاتها في العام 2015 حيث تراجعت صورتها في ذهن الفلسطيني من حركة مقاومة ومعارضة قوية لها الهيبة والاحترام وتبدلت بعد وصولها سدة الحكم وبروز بعض مظاهر الفساد السلطوي والقمع التعسفي؛ بل أن بعض عناصرها وفور فوزها في نتائج الانتخابات انشق عنها مشكلاً جماعات وتنظيمات جهادية أخرى؛ كما أن حالة من الإرهاب المتنامي يشهده القطاع في السنوات الأخيرة؛ وجل الدراسات واستطلاعات الرأي المتخصصة تؤكد زيادة نسبة العنف الأسري والمجتمعي وزيادة نسبة الجريمة فيه، وهناك حالة من الإحباط واليأس لدى الشباب الذي يعاني من بطالة تجاوزت الـ80%، ناهيك عن الفقر والحصار الذي جعل من القطاع الصغير جغرافياً والكثيف سكانياً سجن أسواره عالية، بالإضافة أن فصائل وأطر منظمة التحرير الفلسطينية بشكل عام غائبة عن المواطن الفلسطيني في غزة وعن همومه وتطلعاته الحقيقية، كما أن الظروف المحلية والإقليمية في معظمها لا تصب لصالح حماس، وكل ذلك في النهاية يحسن المزاج والبيئة الدفيئة المناسبة للتطرف والإرهاب والانتماء والتعصب الأعمى.
بكل الأحوال خارطة الجماعات السلفية والجهادية ممتدة ومتنوعة في قطاع غزة ولم تتنكر أو تنفي أياً منها موقفها الداعم "لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" وإن لم تعلن حتى الآن مبايعتها الرسمية له، والخطير في الأمر أن تختار تلك الجماعات والتنظيمات التوحد تحت لواء واحد وإعلان البيعة علنياً ورسمياً لتنظيم داعش لتخرج داعش في نسختها الغزاوية.
المصدر : غزة - سمر الدريملي