كتب وزير الخارجية الألماني الأسبق "يوشكا فيشر"، مقالاً عن حقبة اتفاق سايكس بيكو الذي قسم المنطقة العربية بين فرنسا وبريطانيا ورسم حدود دولها، بالإضافة إلى تطرقه بشكل أكبر على طبيعة الصراع العربي_ الإسرائيلي والمتغيرات التي تطرأ في المنطقة نتيجة عدم حل القضية الفلسطينية.
ورأى فيشر أنه في أكثر مرحلة تقارب خلالها الفلسطينيون والإسرائيليون من تحقيق السلام، كانت خلال الفترة الممتدة بين توقيع اتفاق أوسلو الأول في 13 سبتمبر/أيلول 1993 واغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحق رابين في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1995. وأنه كان وضع القدس في الاتفاقيتين بلا حل، متروك لخواتيم عملية السلام نظراً لحساسيته وتعقيده.
وتطرق في مقاله الذي نشر على موقع "يورو نيوز" إلى القرار الأمريكي بشأن القدس، حيث استنتج أن ترمب ما كان ليتخذ قرارا كهذا لولا استجابة دول كبرى في ما يسمى دول "الاعتدال العربي"، مثل السعودية ومصر والأردن، موضحاً أن بعد هذا القرار يمكن الاعتبار أن حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد انتهى إلى الأبد.
وأكد أنه تاريخياً كان مقر الحكومة الإسرائيلية والكنيست (البرلمان) في القدس الغربية، وكانت البعثات الدولية والشخصيات الدبلوماسية تقوم بزيارات رسمية إلى هناك باعتبارها منطقة خاضعة للنفوذ الإسرائيلي. بعد حرب الأيام الستة في العام 1967 ضمت إسرائيل القدس الشرقية، ومنذ ذلك الوقت لم يُعترف بها دوليا على الإطلاق، ولهذا احتفظت دول كثيرة، ضمنها الولايات المتحدة، بسفاراتها في تل أبيب، لعلمها المسبق بأن وضع القدس وتركيبتها السياسية والدينية معقدة ومحفوفة بالمخاطر.
علاوة على ذلك، يقول فيشر إن هذه الدول تعرف أيضاً ثمن الانحياز إلى إسرائيل، وتأثيراته على احتمالات التوصل لحل نهائي للدولتين، وبالتالي على عملية السلام، طالما أن حلّ الدولتين كان على الدوام الحل الوحيد المطروح على مائدة المفاوضات، خصوصاً بعد اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل أخيراً في العام 1993، برغم كل التجاوزات الإسرائيلية في مجال التوسع بالاستيطان في الضفة الغربية.
وتساءل فيشر في الوقت نفسه عن بديل، هل هو تحوّل إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية؟ وهذا أمر سيفتح الباب أمام أزمة هوية الكيان بين الديمقراطية أو اليهودية؟ أم أن الحل يتطلب مزيداً من الوقت إلى حين تخلّي الفلسطينيين عن النضال من أجل إقامة دولتهم الخاصة في إطار حل الدولتين وأن يطالبوا بحقوق مدنية متساوية؟
وأردف بالقول:" هناك خيار ثالث، على الأقل نظرياً، يكمن في إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة تمتد إلى شمال سيناء، وتكون تحت سيطرة مصر الفعلية، في حين تقسّم الضفة الغربية بين إسرائيل والأردن. لكن حتماً الفلسطينيون لن يقبلوا أبداً بهذه النتيجة.
المصدر : الوطنية