تقف القضية الفلسطينية في هذه الآونة على مفترق طرق خطير بسبب حقبة أمريكية غير مسبوقة من القرارات المنفردة دون مراعاة لحقوق الفلسطينيين.
حيث بدأت الألة الإعلامية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة بتوجيه كم هائل من التصريحات الهجومية بهدف فرض واقع "الطرف الضعيف" أمام خطوات سلمية شعبية في الضفة الغربية والقدس، وغزة على وجه الخصوص.
وتأتي هذه الهجمة بالتزامن مع استنفار أمني اسرائيلي وحشد أمريكي كبير في مناورات تحاكي صد أي عدوان من الجبهتين الجنوبية والشمالية، وكذلك في الوقت الذي يسعى فيه الجانبين الأمريكي والإسرائيلي وأطراف عربية أخرى إلى تمرير ما يسمى ضمنيًا بـ"صفقة القرن" وبوجود رفض فلسطيني كامل عليها.
ويجمع محللون سياسيون تحدثت معهم "الوطنية" على أن حماس وإسرائيل في الوقت الحالي لا تفكران في أي تصعيد، لكنهم لا يستبعدون أن تندلع في أي لحظة.
ويرى المتخصص في الشؤون الإسرائيلية صالح النعامي، أن المناورات التي تجري بين الجيشين الإسرائيلي والأمريكي والتي تركز على الدفاعات الجوية والتصدي للهجمات الصاروخية ليس لها علاقة بفتح جبهة حالية مع غزة.
وأوضح النعامي أن اسرائيل ترى حركة حماس ليست معنية بتصعيد، فتستخدم ذلك الافتراض في استغلال المعلومات الاستخبارية التي تمتلكها وفرض معادلة الردع فقط لتحقيق أهداف معينة مثل القضاء على الأنفاق.
وتابع أن الضامن الذي تعول عليه إسرائيل من جانب حماس هو الوضع الاقتصادي لغزة وكذلك ملف المصالحة، حيث لا تستطيع حماس الانجرار لحرب كبيرة في هذه الأوقات، قائلًا "ولذلك اسرائيل تحاول قدر المستطاع تجنب وقوع ضحايا في أي ضربة بين الحين والأخر، إضافة إلى أن الحرب مكلفة جدًا أيضًا على اسرائيل".
أما بخصوص ما يتم تداوله حول "صفقة القرن" بفصل غزة وضم جزء من أراضي الضفة، قال النعامي، وإن لم يكن قررًا رسميًا إلا أن هناك الكثير من الطروحات الأمريكية والإسرائيلية التي تدل عليه، لكن هذا الاتفاق لا يمكن أن يتم دون طرف ثالث "فلسطيني".
وأكد أن هناك الكثير من المشاكل التي ستواجه الاتفاق مستقبلًا حين الإعلان عنه بشكل رسمي، لا سيما من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
وكان خبراء عسكريون في جيش الاحتلال أكدوا على ضرورة شن معركة حاسمة ضد حركة حماس بغزة.
حالة ردع
بدوره، يقول المختص بالشأن الإسرائيلي شاكر شبات، إن حالة التصعيد التي تقوم بها اسرائيل على جبهة غزة ما بين الحين والأخر تأتي ما بين الحرب والهدوء، حيث يمكن للأمور أن تذهب في إطار تصعيد أو الإبقاء على حالة الردع فقط.
وتابع "حماس لا ترغب في حرب عسكرية نظرًا للأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، وكذلك ملف المصالحة الذي يمشي بشكل بطيء، وأن اسرائيل تكتفي بالرد البسيط لتصوير غزة عالميًا أنها بؤرة الإرهاب وتظهر في مظهر المدافع عن أمنها ومواطنيها".
وأوضح أن الانخراط في أي عملية تسوية يتطلب وجود طرف فلسطيني متماسك وبيت فلسطيني مرتب وقادر على فرض قرار أو الموافقة على قرار، مشيرًا إلى أن الدور المصري في المصالحة الفلسطينية يضغط باتجاه هذا الأمر.
وأضاف "الكثير من الأطراف ترى المصالحة جزء من تمرير صفقة القرن، وإذا ما فشلت المصالحة فهذا يعني اقامة دولة في غزة، وكذلك فرض الحكم الذاتي على الضفة الغربية".
وأكد أن هناك خطط عديدة لتمرير صفقة القرن من خلال خطة السلام الاقتصادي وفتح سوق غزة وفك الحصار وغيرها.
التهديد الإعلامي
أما بخصوص التهديد الإسرائيلي الإعلامي المستمر لحركة حماس بشن حرب جديدة على غزة، قال المحلل السياسي مصطفى الصواف إن الاحتلال منذ انتهاء حرب عام 2014 وهو يهدد، إلا أن الأحداث الشعبية التي تنطلق فعالياتها أواخر شهر مارس الجاري قد تجبر الاحتلال لمزيد من التصريحات المستفزة.
وأكد الصواف أن المقاومة في غزة تفهم على الاحتلال جيدًا وتتعامل مع الموقف بكل حذر أكثر من أي وقت مضى لعدم الانجرار لمربع التصعيد خصوصًا في المرحلة الحالية.
ويرى الباحث في مركز "موشي دايان" للدراسات الاستراتيجية "أيال زيسير" أن موجة الهجمات والحوادث في الضفة الغربية وعلى حدود قطاع غزة تثير مخاوف من التصعيد والتدهور إلى انتفاضة متجددة، بدعم من حماس والسلطة الفلسطينية كل وفقًا لطريقته الخاصة ولأسبابه الخاصة.
خاص - الوطنية - فادي بارود
المصدر : الوطنية - فادي بارود