في خطوة تصعيدية جديدة، يضيف الاحتلال الإسرائيلي نسخة جديدة من الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007، ليعلن عن إغلاق معبر كرم أبو سالم، إلى أجلٍ غير مسمى، ردًا على إطلاق الطائرات الورقية الحارقة.
ويرى محللون في تصريحات منفصلة لـ"الوطنيـة"، أن القرار الإسرائيلي بإغلاق المعبر متهور ويفتقد إلى المنطق، وسيزيد من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها القطاع، الأمر الذي سيؤدي إلى انحدار قطاعات كثيرة تحت خط الفقر.
ويقول المحلل الاقتصادي محسن أبو رمضان، إن هذا القرار سيعمق من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها قطاع غزة؛ نتيجة الحصار الذي يعاني منه منذ أكثر من 11 عاما، مصحوبا بثلاث عمليات عسكرية عدوانية واسعة.
وأضاف أبو رمضان في حديثه لـ "الوطنية"، أن الاحتلال يحاول من خلال هذا القرار تعميق حدة الأزمة في القطاع، في ظل تعثر عملية إعادة الإعمار واعتماد قطاعات واسعة من السكان على الأونروا ووكالات الإغاثة الإنسانية والمحلية والدولية.
وأشار إلى أن استمرار إغلاق المعبر سيؤدي إلى عواقب وخيمة على قطاعات اجتماعية واسعة، الأمر الذي سيدفعها للانحدار تحت خط الفقر، وسيخلق أزمات في مجالات اجتماعية وانسانية مختلفة، خاصة في مجال الصحة والأمن الغذائي وغيرها من المواضيع الهامة التي تشكل أساسيات لحياة المواطنين في القطاع.
ويعتبر معبر "كرم أبو سالم" الرئة الثانية لقطاع غزة بعد معبر رفح، والواجهة الرئيسة لتصدير البضائع من قطاع غزة، إذ تُصدَّر المنتجات الزراعيّة، الحديد، الورق والأثاث.. إلخ، من خلاله إلى الضفة الغربية والداخل المحتل.
بدوره، يرى المحلل الاقتصادي معين رجب، أن قرار إغلاق المعبر يأتي في ظل عقوبات يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، لابتزازا الفلسطينيين والضغط عليهم، نتيجةً لممارستهم الحق الطبيعي في الدفاع عن أرضهم ووطنهم وعرضهم.
وأكد رجب أن هذا القرار سيحدث خللاً كبيرًا في الحياة الإنتاجية والاقتصادية في القطاع، لأن إغلاق المعبر يتوقف عليه دخول الكثير من المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن، إضافة إلى المعونات بكافة أشكالها.
وأضاف أن استمرار إغلاق المعبر سيوقع ضرر كبير على كاهل الاقتصاد الفلسطيني، ويحدث شلل في عمل كثير من المؤسسات.
وفيما يتعلق بادعاء الحكومة الإسرائيلية أن هذا القرار جاء ردًا على اطلاق الطائرات الورقية الحارقة، يقول رجب، إنه غير مبرر، فإذا كان هذا ما يزعجهم فعليهم التعامل مع الطائرات نفسها وليس مع البضائع، مضيفًا أن الفلسطينيين من حقهم التعامل مع الاحتلال بالمثل.
ويعتقد أنه لن يكون هناك استجابة من الجانب الفلسطيني، وسيردون بشدة على مثل هذه القرارات، مع استمرار اطلاقهم للطائرات الورقية، مشيرًا إلى أن هذ القرار يفتقد إلى المنطق ويعكس التطرف من الجانب الإسرائيلي.
أما المحلل السياسي طلال عوكل، فيرى أن قرار إغلاق المعبر يعيدنا إلى بدايات الحصار عام 2007، حيث منعت "إسرائيل" دخول جميع البضائع باستثناء المواد الغذائية والصحية.
وأضاف أن "إسرائيل" تظهر الآن حرصًا كاذبًا على البعد الإنساني للأزمة في القطاع، وتشعر أن الأمور نضجت في غزة، لذلك تسعى للضغط بشدة على حركة "حماس"، وذلك لمنع إتمام المصالحة، وتحصيل أفضل شروط ممكنة لصالحها.
وقال عوكل إن كل ما تقوم به "إسرائيل" من ضغوطات على قطاع غزة يأتي في إطار "صفقة القرن" وتهيئة غزة لكي تكون أرض الدولة الفلسطينية، مضيفاً أن مفصل غزة في هذه الصفقة هو أهم الأمور المطروحة على جدول الأعمال المستعجل للولايات المتحدة.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن أمس الاثنين، فرض عقوبات جديدة على قطاع غزة، ردًا على الحرائق التي تسببت فيها الطائرات الورقية في مستوطنات "غلاف غزة"، كان أبرزها إغلاق معبر كرم أبو سالم، ومنع عمليات الاستيراد والتصدير للقطاع، والسماح فقط بدخول الأدوية والغذاء وذلك بالتنسيق مع منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
ولم يقتصر الحصار على إغلاق المعبر فقط، بل شمل أيضاً تشديد التضييق البحري المفروض على الصيادين، عبر إنهاء صلاحية توسيع مسافة الصيد من 9 أميال بحرية إلى 6 أميال.
المصدر : الوطنية – إسراء شحادة