لم يعد باستطاعة السيدة "ر.ب" (30 عامًا) الظهور في المجتمع جراء إصابتها بضمور كلي بالثدي بعد انجابها لطفلها الثالث، حيث أصيبت بحالة من الاكتئاب جراء الضغط النفسي التي كانت تعيشه في تلك الفترة، ولم تعد قادرة على النظر إلى نفسها بالمرآة، وتحاول أن تصنع أي حيل لتغطية النقص الذي تعاني منه، للظهور بالشكل الطبيعي خاصة أمام زوجها.
تقول (ر.ب) وهي أم لثلاثة أطفال: "كانت حياتي الزوجية مليئة بالمشاكل، حتى أصبت بضمور بالثدي، ثم ازدادت المشاكل بعد رفض زوجي أن ألجئ للبحث عن علاج أو أي طريقة تساعدني في استعادة شكلي الطبيعي، حتى وصل بي المطاف إلى الطلاق".
لم تفقد الأمل بعد طلاقها، واستمرت في البحث عن علاج، إلى أن تمكنت من إجراء عملية زراعة ثدي، على يد فريق خاص في مستشفى أصدقاء المريض بغزة، لتكون هذه العملية الأولى من نوعها في قطاع غزة.
بعد نجاح العملية استعادت هذه السيدة شكلها الطبيعي، ما جعلها في حالة نفسية أفضل، حيث قالت لـ"الوطنية": "أنا سعيدة جدًا الآن، وراضية عن نفسي وعن جسمي، فقد عدت للانخراط في المجتمع من جديد، وأستطيع أن أرتدي ما أشاء دون الشعور بالانزعاج".
بدوره، قال استشاري الجراحة العامة ورئيس قسم جراحة أورام الثدي في مجمع الشفاء الطبي وائل وشاح، إن فكرة إجراء عملية زراعة ثدي في قطاع غزة، أحيت الأمل في نفوس الكثير من السيدات، وخاصة مريضات سرطان الثدي اللواتي أجرين عمليات استئصال، حيث تساعدهن بالعودة لحياتهن بشكل قوي.
وأوضح وشاح أن عملية زراعة الثدي تتم بثلاث طرق، إما زراعة ثدي سيلكون، أو نقل دهون، أو نقل عضلات من الجسم، وتم عرض هذه الحالات الثلاث على السيدة، مضيفاً : "رفضت السيدة بشكل قاطع عملية زراعة السليكون خوفًا من حدوث أي مشاكل جانبية لها، أما عملية نقل الدهون للأسف لم تنجح بسبب نحافة السيدة".
وبين وشاح أنه لجأ إلى الخيار الثالث وهو الأنسب للسيدة من خلال نقل عضلات من الجسم، بحيث يتم أخذ عينة من الظهر من الجهة اليمنى للثدي اليمين والجهة اليسرى للثدي اليسار، مع الجلد والدهون المحيطة.
وتابع: "بعد موافقة السيدة على هذا الخيار، أجرينا لها العملية واستمرت لمدة تزيد عن 5 ساعات، حيث جرى خلالها فصل العضلة من الظهر بالكامل ثم زراعتها أسفل الثدي مع اقتطاع جزء من الدهون والجلد المحيط بها".
وأكد وشاح أن العملية كانت ناجحة وممتازة جدًا وهي تجرى للمرة الأولى في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن هذه العملية أجراها الأطباء في كل دول العالم من قبل، والآن يتم تطبيقها للمرة الأولى في غزة رغم الصعوبات التي يعاني منها القطاع الصحي.
ونوّه إلى أن هذه التقنية بالأساس تستهدف مريضات سرطان الثدي اللواتي يجرين عملية استئصال للثدي، ويحتجن إلى بديل لاستعادة شكلهن الطبيعي، قائلاً:" في مثل هذه الحالات يتم زراعة ثدي بشكل متكامل ويعود لطبيعته وهو مفيد بشكل كبير للجسم".
وعن إحصائية مريضات سرطان الثدي، يقول وشاح: "هناك حوالي 350 حالة في غزة سنوياً يتم اجراء استئصال للثدي بشكل كامل، ويمثل حوالي 40% منهم سيدات في مقتبل العمر يكملن حياتهن بثدي واحد، ما يؤدي إلى انسحابهن من المجتمع".
وأوضح أنه ومن خلال هذه العملية يكون شكل الثدي طبيعي ولكنه لا يؤدي نفس الوظيفة السابقة، أما في بعض الحالات العادية كالسيدة (ر.ب) التي أجرت عملية الزراعة فيمكن لها أن ترضع أطفالها بشكل طبيعي.
وتابع قوله: "أما بالنسبة لمريضة سرطان الثدي فيشترط لإجرائها العملية أن تكون قد شفيت من المرض بشكل كامل، وأن يمر على شفائها من 7 إلى 8 شهور.
وأشار إلى أن هذه العملية تعطي شكل جمالي للمرأة، وهذا الحل هو الرائج في الوقت الحالي في العالم، أما عمليات السيلكون فتتم على مراحل وبأكثر من عملية، وقد تعطي نتائج عكسية.
المصدر : الوطنية - إسراء شحادة