قدم النائب عن حركة "فتح" محمد دحلان، نصيحة للرئيس محمود عباس في ظل الحالة الفلسطينية المتهالكة، والإجراءات الأمريكية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وخاطب دحلان الرئيس قائلاً:" يا أبا مازن عود إلى بيتك، حيث أن انتصارك الوحيد يتمثل بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، لأنك لن تسطيع إنجاز عملاً سياسيًا في ظل المعادلة الراهنة، وإذا أتممت ذلك سيحفظ التاريخ والشعب هذه الروح الإيجابية".
وتابع خلال مقابلة أجرتها قناة "بي بي سي" عربي معه:" من المفترض نظريًا إني خصمه، لكن مصلحة الوطن أكبر من مصالح الأفراد"، منتقدًا خطابه القادم في الأمم المتحدة، معتبرًا إياه مضيعة للوقت.
وبعد مرور 25 عامًا على اتفاقية أوسلو، قال دحلان إنه لم يتبق من هذه الاتفاقية سوى التنسيق الأمني المجاني، وآمال كبرى دفنت مع الرئيس الراحل ياسر عرفات بانتظار من يوقدها ويعيدها ويجددها للشعب الفلسطيني.
ولفت إلى أن التنسيق الأمني تغير كثيرًا من حيث الزمن والأهداف وهو اليوم لا يأتي إلا بمصالح شخصية لا أكثر ولا أقل، حيث كان جزءًا من الاتفاق السياسي وضمن رؤية سياسية شاملة"، موضحًا أن عملية السلام قتلت والاستيطان توسع وحل الدولتين دُمر، وفق تعبيره.
وأضاف:" حين كنا نختلف مع إسرائيل في كثير من المواقف التفاوضية، كنا نعلق التنسيق الأمني وكان بذلك الوقت أداتنا ورافعتنا.. لكن هذا لا يعني التشجيع على علميات، وإنما كان يعني أن إسرائيل لا تستطيع أن تأخذ التنسيق مع السلطة بشكل مجاني".
ودعا النائب دحلان الحركات الفلسطينية إلى مراجعة مسيرتها، موضحًا أن الشعب الفلسطيني لم يصل إلى تحرير أرضه، بعد طريق الكفاح المسلح والمفاوضات مع إسرائيل.
وتابع:" بعد ربع قرن من المفاوضات، عُزز الاستيطان وفقد الأمل بحل الدولتين، لذلك المطلوب مراجعة حقيقية صادقة مع النفس وبمشاركة الجميع وكل فصائل المنظمة وكل المرتفعات والمكونات الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني، وفلسطينيي الخارج".
وشدد على أنه لا يجوز اقصاء 80 % من الشعب تحت بند الكفاح المسلح، لكنه أكد على ضرورة الاعتراف بتاريخ الفصائل التي يجب إلا تحتكر الماضي والحاضر والمستقبل.
وأكد دحلان أن لا أحد يستطيع تقديم حلولًا شافية للحالة الفلسطينية، داعيًا إلى إعادة بناء النظام السياسي على أسس وطنية قائمة على الشراكة السياسية واحترام الغير، والاتفاق على برنامج سياسي، بالإضافة إلى الاتفاق على آليات للمقاومة من حيث الشكل والمضمون وتوقيتها.
وأكمل حديثه:" الأهم من هذا وذاك، إدخال الديمقراطية في منظمة التحرير والسلطة القائمة أو القادمة، فإن معالجات الوضع الراهن بالآليات القديمة لم تعد صالحة من قبل المنظمة أو من حركة حماس.
وعن علاقته بحماس، قال إنه لعب دورًا في ترتيب علاقتها مع مصر، لأجل تحقيق أمل في ترتيب العلاقة بين حماس وأبو مازن، وصولًا إلى وحدة وطنية.
وأشار إلى أنه قال بذلك الوقت "إننا لا نريد أي امتياز ، وتفضلوا واتفقوا، لأن الوحدة هي الرفض العملي على كل إجراءات نتنياهو".
أما الحديث عن إقامة دولة في قطاع غزة، أكد دحلان أنه لا أحد يستطيع أو يوافق على بناء دولة في القطاع بعيدًا عن الضفة الغربية والقدس، منوهًا أن القطاع فاقد مكونات الدولة، مضيفًا:" هذا الحديث مستخدم في المناكفات بين حماس وأبو مازن".
كما شدد على فتح صفحة جديدة بين الكل الوطني، لافتًا إلى أن الكل يجمع" أننا لن نقدر على مواجهة أخطار ترمب على القضية الفلسطينية".
(صفقة القرن) التي تحضرها الإدارة الأمريكية
ووصف دحلان الذي يتمتع بشعبية واسعة في غزة والضفة ومخيمات لبنان، الصفقة الأمريكية بـ "التكتيك الخبيث"، قائلاً إنها طبقت وبدء تنفيذها على الأرض، لاسيما بعد إزاحة القدس من الطاولة، وإقرار إسرائيل قانون يهودية الدولة، ومصادرة أراضٍ الضفة، والانتهاء عملية من غور الأردن، وقيام أمريكا بخطوات لإلغاء اللاجئين".
وأوضح أنه لا يوجد ما يعرض على القيادة الفلسطينية، فيما عن الخيارات المتبقية لدى الفلسطينيين، ذكر أن الفلسطيني يملك خيار الرفض، لأن" المعروض عليك سيئ وعليك ألا تعطي شرعية لذلك، لكن هذا لا يكفي، عليك أن ترفض وتقاومها بالوحدة الوطنية وتجسيد روح التعاون الفلسطيني الداخلي وتطورها بإشراك كل الكفاءات في حمل هذه الأعباء، لا أن تقسم المقسم وتجزء المجزأ"، وفق دحلان.
ومضى دحلان بالقول:" الفلسطيني يعيش على الأمل، ويستطيع أن ينجز الانتصار. لكنه لا يتملك القيادة التي تكون قادرة على أخذ القرار الصح في المكان والتوقيت المناسبين".
المصدر : الوطنية