أوصى حقوقيون وقانونيون في محافظة رفح، بضرورة الإسراع في إجراءات التقاضي ورفع سن الحضانة، ووضع إجراءات من شأنها تسهيل استيفاء النفقة كون أنها من الديون الممتازة ووصولها لمستحقيها من النساء المطلقات والمتزوجات.
كما أوصى هؤلاء خلال كلمات ومداخلات في ورشة عمل نظمتها الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون الأربعاء 28 أغسطس، 2019 بعنوان " التمثيل القضائي أمام المحاكم – إشكاليات من الواقع، وذلك في قاعة منتجع السعادة لاند – بمحافظة خانيونس، بضرورة تعديل أنظمة التحكيم الشرعي، وزيادة ثقافة ووعي المحكّم عبر زيادة وتكثيف الدورات والتدريبات التي يتلقاها المحكمون
وتأتي هذه الورشة ضمن أنشطة وفعاليات مشروع تقديم خدمات العون القانوني للفئات الهشة في محافظة رفح، من خلال برنامج سواسية 2، البرنامج المشترك لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة–اليونيسيف، تعزيز سيادة القانون في دولة فلسطين.
وافتتح اللقاء نائب رئيس مجلس الإدارة بالجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون حمد صباح مرحباً ب وفاء الكفارنة محلل المشاريع في برنامج سواسية و هبة مرتجى منسق منظمات المجتمع المدني في برنامج سواسية، والحضور الكريم كلاٍ باسمه ولقبه.
وأوضح صباح أن هذا اللقاء الهام الذي تنفذه الجمعية جاء لمناقشة التحديات والإشكاليات التي تواجه عمل العيادات القانونية أمام المحاكم في قطاع غزة، حيث عملت الجمعية ومنذ نشأتها على تعزيز مبدأ العدالة وسيادة القانون، لتكون خط الدفاع الأول عن حقوق الفئات المهمشة وخاصة النساء، وبدورها تمكنت من تقديم المساعدة لعشرات بل مئات النساء من أجل استعادة حقوقهن العادلة، آملاً أن يخرج هذا اللقاء بتوصيات تسهم في تحسين الواقع القضائي في فلسطين بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص، وإتاحة خدمات أفضل للفئات الهشة والضعيفة.
وأدار جلسة اللقاء الأولى أمين سر الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون محمد الجمل، التي حملت عنوان: العون القانوني أمام المحاكم الشرعية – واقع واشكاليات، بفتح المجال للضيوف بقراءة أوراق العمل ومناقشتها.
وبدأت فعاليات الجلسة الأولى من جانب رئيس محكمة الاستئناف الشرعية بغزة الشيخ عمر نوفل حيث تطرق خلال حديثه إلى التشريعات والسياسات الإجرائية الناظمة لعمل المحاكم الشرعية بين الواقع والمأمول.
وأشاد نوفل بالعلاقة المتينة التي انبثقت بين مجلس القضاء الأعلى والمحاكم الشرعية و بين المؤسسات المجتمعية التي تعمل باتجاه تبني قضايا الفئات الهشة من خلال العيادات القانونية المنتشرة على مستوى قطاع غزة، وتشجيع الشراكة القوية فيما بينهم، مؤكداً على ضرورة أن يعمل المحامي التابع لهذه المؤسسات على النظر في قضايا موكليهم من أجل احقاق الحق دون إطالة في أمد التقاضي.
بدورها، قدمت محامية العيادة القانونية بالجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون سعاد المشني ورقتها والتي جاءت بعنوان : إشكاليات قضايا التفريق في المحاكم الشرعية، أبرز الصعوبات والتحديات الواقعية والقانونية والاجرائية التي تواجه القضايا بكافة أنواعها أمام المحاكم الشرعية: والتي منها التأجيل المتكرر بسبب الخطأ في تبليغ المدعي عليه أو عدم تبليغه، والتأجيل بسبب المدعي عليه أو وكيله حيث يدفع دفع شكلي أو موضوعي يؤثر على سير القضية، كما وأن الطرق والأساليب التقليدية المتبعة في قضايا التفريق تعتبر من أبرز الإشكاليات التي تؤثر على سير قضايا التفريق لغياب الزوج، إضافة إلى أن بعض القضايا يرفض القاضي تطليق الزوجة أملا في عودة الوفاق بينهما، ناهيك عن الأخطاء التي تحصل في اعلان الخصوم وفي تبليغ الأوراق القضائية للخصم ورفضه لاستلام التبليغ، وأخيراً غياب دور الرقابة والتفتيش لوجود أخطاء بإجراءات القضية أثناء السير أمام محكمة أول درجة فمن المسؤول ؟.
أما ورقة محامية مركز شؤون المرأة سهير البابا فجاءت بعنوان: الضرر الواقع على النساء من التحكيم الشرعي في قضايا التفريق للضرر من الشقاق والنزاع، فيعرف التحكيم الشرعي بأنه اجراء قانوني مستمد من الشريعة الإسلامية، ويتم من خلال إحالة الدعوى إلى حكمين للتوفيق بين الزوجين أو التفريق بينهما وفق القانون، ومن المآخذ عليه بأنه ينقص في كثير من الحالات من حقوق المرأة، خاصة في تقدير نسبة الضرر والتي غالباً ما تتحمل المرأة الجزء الأكبر منها إضافة إلى تحمل الزوجة رسوم التحكيم في ظل الوضع الاقتصادي الصعب.
وأكدت البابا أنه على الرغم من عيوبه إلا ان مزاياه ضمان وقوع الطلاق في مدة قصيرة ولكن بدون حقوق كاملة للنساء، بالإضافة إلى الحد من نسبة النساء المعلقات، و السرعة في انجاز قضايا التفريق بعيداً عن إجراءات القضاء الطويلة.
وتضمنت ورقة محامية بجمعية "عايشة" مها العجلة، سن الحضانة – إشكاليات وحلول، وقالت بإن المرأة قد تواجه عقبات اقتصادية واجتماعية وثقافية في حضانة صغارها مما قد يسبب حرمانها من حقها في الحضانة، وأيضا قد تحرم هذه العقبات الطفل من التمتع بحضانة أمه، مما قد يضطرها للتنازل عن الحضانة، كما و تؤدي إلى اخضاع الطفل لظروف اقتصادية ونفسية صعبة، لا تحقق معها مصلحته الفضلى المرجوة من الحضانة، لما يترتب على ذلك من آثار نفسية واجتماعية وخيمة على الصغار و الأم، لذلك نطالب برفع سن حضانة الأم لأطفالها، خاصة للأم المطلقة التي حبست نفسها عن الزواج وتفرغت لتربية أولادها، وضرورة أن لا تحرم الأم من الحضانة لمجرد زواجها، بل يجب النظر في كل حالة على حدى.
وتلا ذلك ورقة أخرى لمحامي جمعية الثقافة والفكر الحر محمود وافي، تطرق خلالها إلى واقع الذمة المالية للمرأة في التشريعات الفلسطينية، وأشار إلى أن الإسلام أعطى المرأة الحق في ممارسة التصرفات الاقتصادية والمالية للمرأة مثل ( البيع – الشراء – الاجارة – الهبة – الزكاة – الصدقات ) في اطار أحكام الشريعة الإسلامية، وبالرغم من أن القانون كفل حق المرأة العاملة والتصرف براتبها إلا أنه من الناحية الواقعية تتعرض حقوقهن للانتقاص، مما يشكل ظلماً عليها خاصة وأن القانون لم يحدد الحد الأدنى من الأجر الذي يعتبر مكون أساسي للذمة المالية للمرأة، وايضاً استثنى قانون العمل الفلسطيني حق المرأة العاملة، إذا كانت ضمن الدرجة الأولى من أفراد الأسرة، ولا زالت المرأة لا تمارس حقها بالشكل الأمثل التي نص عليه القانون والشرع، وأن أغلب المشكلات تحل بطرق عشائرية لا ترتقي للحد الأدنى من الحق تحت حجج واهية يغلب عليها ثقافة ذكورية.
أما جلسة اللقاء الثانية فأدارتها ماجدة شحادة من "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان "، و التي حملت عنوان: التمثيل القانوني أمام المحاكم النظامية – واقع واشكاليات.
وافتتح الجلسة الثانية المستشار أشرف فارس- قاضي محكمة عليا، متحدثاً عن دور القضاء في حماية ضمانات المحاكمة العادلة، حيث أن مهمة القضاء الأساسية هي إرساء قواعد العدالة من تنفيذ الإجراءات القانونية التي نص عليها القانون بصورة واضحة، ففي قانون الإجراءات الجزائية يعمل القاضي بنصوص القانون حتى يستطيع أن يصل إلى محاكمة عادلة ، يُعطى فيها المتهم حقه في محاكمة عادلة وناجزة، وفي كثير من الأحيان يستفيد المتهم من الطعن بالأحكام الصادرة بحقه لدى محكمة الاستئناف، ويستفيد من العقوبة المخففة أو البراءة، أما في قانون العقوبات فقد نص على أنه في بعض العقوبات مثل عقوبة الإعدام يحكم عليها بالإجماع وليس بالأغلبية.
بدوره، عرض منسق شبكة عون للوصول للعدالة يوسف سالم ورقته التي تتحدث عن ضمانات المحاكمة العادلة في القضاء الجزائي، لما جاء في نص المادة ( 9) من القانون الأساسي الفلسطيني والتي نصت على أن الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي، أو الإعاقة، ومن أبرز التحديات التي تطيل أمد التقاضي في هذا النوع من القضايا، هو عدم تأمين حضور المتهمين جلسات المحاكمة، ونقص الكادر الوظيفي لا سيما في قسم الجزاء، وعدم سعة صدر بعض القضاة وذلك بسبب تكدس الملفات أمام القضاة، وعدم ملائمة بعض قاعات المحاكم للحضور.
بدوره، تحدث محامي العيادة القانونية بنقابة المحاميين – رفح محمد السقا في ورقته عن ضمانات المحاكمة العادلة في القضاء المدني، والذي يتطلب تطبيقها عدة مبادئ أساسية ومنها استقلال السلطة القضائية وسيادة القانون، وحياد القضاة وعدم جواز حكم القاضي بعلمهم الشخصي، وحق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة للإنصاف من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها الدستور والقانون، بالإضافة إلى المساواة أمام القانون والقضاء دون تمييز، وحق التقاضي على درجتين، وتوفير البيئة المناسبة للتقاضي وتوفير عدد كاف من القضاة، وعلانية الجلسات في الأوضاع الطبيعية ، وكفالة حق الدفاع للجميع، وتقديم خدمات المساعدة القانونية للفئات الهشة، والعدالة المنجزة بسرعة الفصل في القضايا دون تأخير، وسلامة الإجراءات القضائية ، ومجانية القضاء بمعنى أن تتكفل الدولة نفقات التقاضي بدلا من المتقاضيين والخصوم، وأخيرا سرعة تنفيذ الأحكام القضائية النهائية.
واختتم اللقاء بمجموعة من التوصيات أبرزها:
1- العمل على تعديل وتطوير قانون الأحوال الشخصية بما يتناسب مع تطور المجتمع ويلبي احتياجاته.
2- عقد دورات تدريبية تستهدف مأمورين التبليغ في المحاكم الشرعية بهدف تدريبهم على الآلية الصحيحة للتبليغ وزيادة عدد القضاة والموظفين العاملين في المحاكم الشرعية خاصة في رفح.
3- العمل على تطوير أداء المحكمين الشرعيين في صياغة التقارير لتصبح أفضل، وأن يكونوا ذو خبرة وكفاءة في التحكيم والقضايا التي تخص النساء.
4- العمل على تطوير وإصلاح نظام التحكيم في قطاع غزة .
5- بناء شبكة حماية للمساهمة في حل مشكلات المرأة المتعلقة بالذمة المالية وتفعيل صندوق النفقة واعداد قانون للذمة المالية للمرأة.
6- العمل على انجاز قانون عقوبات فلسطيني موحد بما يتلاءم مع احتياجات المجتمع، والعمل على سرعة انجاز القضايا الجزائية دون إطالة أمد التقاضي، ومثول المتهم أمام القاضي الطبيعي دون وجود جهات أخرى.
المصدر : الوطنية