يسود قلق أميركي حيال إمكانية أن تقدم إسرائيل على عمل عسكري ضد إيران، خاصة في أعقاب قرار المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، يوم الخميس الماضي، بتقديم لائحة اتهام بشبهات فساد خطيرة ضد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الثلاثاء.
وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى زيارة مجموعة من المسؤولين الأميركيين لإسرائيل، في الأسابيع الأخيرة، وأن هذه الزيارات وصلت أوجها بزيارة رئيس الأركان المشتركة للجيش الأميركي، مارك ميلي، الذي وصل إلى إسرائيل أول من أمس.
ورغم أن الجانبين يحاولان التشديد على أن العلاقات بين الجيشين وثيقة جدا، لكن على ما يبدو أنه توجد اعتبارات أخرى غير معلنة لهذه الزيارات المكثفة للمسؤولين الأميركيين، وفقا للصحيفة، وفي مركزها "التخوف الإسرائيلي من خروج أميركي من المنطقة، والتخوف الأميركي من عمل عسكري إسرائيلي غير منسق".
وعبرت مسؤولون إسرائيليون، في الآونة الأخيرة، عن القلق من عدم رد الولايات المتحدة على هجمات منسوبة لإيران، في الأشهر الماضية، وبينها إسقاط طائرة أميركية بدون طيار واستهداف منشآت نفطية سعودية بصواريخ موجهة واستهداف ناقلات نفط، وإعلان الرئيس دونالد ترمب عن سحب القوات الأميركية من سورية، وأن هذا الأداء الأميركي "يترك لإيران حيز عمل كبير جدا"، وفق ما أورده "عرب 48".
لكن من الجهة الأخرى، قالت الصحيفة إن "الأميركيين قلقون بقدر معين من قرارات قد يتم اتخاذها في إسرائيل. فالقيادة الإسرائيلية تتحدث دون توقف عن مخاطرة الماثلة من محاولات إيران بالتموضع العسكري في جنوب سورية، وعن تهريب أسلحة متطورة إلى حزب الله في لبنان وعن جهود إيرانية لزيادة قوة ميليشيات موالية لها في العراق واليمن. واحتكاك عسكري متزايد بين إسرائيل وبين إيران وأذرعها من شأنه جرّ الأميركيين إلى داخل حرب إقليمية، والتي بحسب تصريحات ترمب على الأقل، هو ليس معنيا بها".
ولفتت الصحيفة إلى أن التخوفات التي تتحدث عنها إسرائيل وزيارات مسؤولين أميركيين لإسرائيل، تذكّر بصيفي العامين 2011 و2012، عندما كانت إسرائيل تهدد بشن هجوم عسكري ضد منشآت نووية في إيران. وفي حينه، تم إرسال العديد من المسؤولين الأميركيين من أجل "جس النبض" في إسرائيل.
وقالت الصحيفة أنه بقدر ما هو معلوم حاليا، فإن هجوما إسرائيليا ضد إيران ليس مطروحا الآن، لأن إيران ما زالت ملتزمة مبدئيا بالاتفاق النووي مع القوى الكبرى الخمس، بعد انسحاب الولايات المتحدة منه. ورغم ذلكن فإن التصريحات الإسرائيلية تنطوي على تهديدات عدوانية.
وخلال جولة قام بها نتنياهو ووزير الأمن الإسرائيلي، "نفتالي بينيت"، في الجولان المحتل وعند الحدود الإسرائيلية – اللبنانية، قال نتنياهو إن إسرائيل ستعمل من أجل إحباط نقل أسلحة من إيران إلى سورية وستلجم محاولات "تحويل العراق واليمن إلى قواعد إطلاق صواريخ". وقال بينيت مخاطبا الإيرانيين إنه "ليس لديكم شيئا تبحثون عنه هنا".
وصرح بينيت أمس أن "ردنا سيكون دقيقا جدا ومؤلما جدا. وأوجّه هذه الأقوال ليس فقط لمن يسعى لاستهدافنا في الجبهة الجنوبية (غزة) وإنما في الشمال أيضا".
ولفتت الصحيفة إلى أنه قبل أسبوع من انتخابات الكنيست الأخيرة، في أيلول/سبتمبر الماضي، ندخل المستشار القضائي للحكومة من أجل منع قرار غير قانوني اتخذه نتنياهو في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) بشن عملية عسكرية ضد قطاع غزة، وكان من شأنها إرجاء الانتخابات.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي واسع الاطلاع قوله، الأسبوع الماضي، إن إسرائيل هي التي ستحدد تطور الأوضاع، بنسبة 80%، وأن هذا يستوجب كافة مؤسسات المراقبة، لجنة الخارجية والأمن بالكنيست والمستشار القضائي ووسائل الإعلام، بتيقظ كبير كي لا يتم اتخاذ قرارات مصيرية خاطئة. وألقى المسؤول نفسه مسؤولية خاصة على رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، خصوصا في هذه الفترة التي يواجه فيها نتنياهو لوائح اتهام، والتي يسعى فيها بينيت، وزير الأمن الجديد والمؤقت، أن يظهر كقائد سياسي وأمني.
وشددت الصحيفة على أن "المؤسسة السياسية لا يمكنها أن تكون بحماية كاملة من اعتبارات سياسية – حزبية تشغل المؤسسة السياسية من فوقها. وهيئة الأركان العامة ليست ديرا والضباط يعون جيدا ما يحدث في الدولة. ويتعين على قادة الفرق العسكرية والطيارين أن يتأكدوا من أن القرارات الأمنية في مسائل متعلقة بالحياة والموت يتم اتخاذها بشكل موضوعي. وفي مزاج نهاية العالم الذي يتواجد فيه نتنياهو، الذي تجلى في الأيام الأخيرة بتهجمات شديدة ضد النيابة العامة والشرطة، تتزايد الشكوك حيال ذلك".
المصدر : الوطنية