أثار موقف حركة حماس من الأزمة اليمنية ردود أفعال متباينة، وسط تساؤلات حول مدى تأييدها للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في عمليتها العسكرية الهادفة لصد تقدم الحوثيين في اليمن.
واختلف محللون سياسيون في أحاديث منفصلة مع الوطنيـة حول ما إذا كان الموقف يؤيد صراحة هذه العملية، أم أن حماس أرادت أن تحافظ على العلاقة مع المملكة وإيران الداعمة للحوثيين في نفس الوقت، ولكنهم أجمعوا أنه يهدف إلى إرضاء السعودية على حساب طهران.
وأكدت حركة حماس على وقوفها مع الشرعية السياسية في اليمن، ومع خيار الشعب اليمني الذي اختاره وتوافق عليه ديمقراطيًا، وأنها تقف مع وحدة اليمن وأمنه واستقراره، والحوار والتوافق الوطني بين أبنائه. وقالت إنها ترفض كل ما يمس أمن واستقرار اليمن.
وأكد المحلل السياسي حمزة أبو شنب أن بيان ماس يؤيد الموقف الذي اتخذته السعودية وحلفاؤها في العملية العسكرية، رغم أنه لم يشر إلى ذلك.
وقال أبو شنب إن حماس أرادت أن تؤكد على عمقها الإسلامي والعربي وأنها جزء لا يتجزأ من العمق العربي ولا تنسلخ عن هذا الواقع، ولا تريد أن تظهر بأنها تغرد خارج السرب.
وأضاف أن حماس بذلك تثبت بأنها متوافقة مع موقف السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس بما يخص هذا الأزمة، في ظل سعي الأخير وفق أبو شنب، في أن يظهرها بأنها غير منسجمة مع المواقف العربية وخاصة مع دول كبيرة مثل السعودية.
وأكد أبو شنب أن حماس لا تريد أن يكون موقفها بعيدا عن حلفاء لها مثل قطر وتركيا، والذين أيدا بشكل كبير العملية العسكرية في اليمن، واتهما إيران بالتدخل في شؤون البلاد العربية بهدف "التمدد الشيعي" كما هو موقف التحالف، وبالتالي عدم التأثير على الدعم الكبير الذي تلقاه الحركة من هاتين الدولتين.
العلاقة مع طهران
وفي سؤال حول ما إذا كان هذا الموقف يفسد العلاقة مع إيران والتي تسعى الحركة إلى إعادة التقارب معها بعد 3 سنوات من الخلافات بسبب الأزمة السورية، قال أبو شنب : " إن حماس لا تريد أن تتناقض مع مبادئها من أجل مواقف سياسية"، مضيفا أن خير دليل هي الأزمة السورية.
وأكد أنه إذا أرادت إيران أن تدعم المقاومة، فيجب عليها أن تبتعد عن المواقف السياسية، مشيرا إلى أنها لا تتعلم من المواقف السابقة، وأنها ستخسر حماس إلى الأبد في حال ربطت بين دعم المقاومة والمواقف السياسية.
وتقود المملكة العربية السعودية حمله عسكرية “عاصفة الحزم” مع حلفائها استجابة لدعوة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لحماية شرعية اليمن.
حسابات دقيقة
بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة عدنان أبو عامر أن حماس انتظرت وقتا طويلا لكي تصدر هذا البيان، لكي لا تظهر وأنها تتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.
وأضاف أنه كان له حسابات دقيقة لذلك كانت صياغته أقرب إلى "عملية جراحية"، متوقعاً أن تكون صياغة البيان تمت بالتشاور بين حماس الداخل والخارج، واصفا إياه بأنه" حمال أوجه" لا يزعج أي طرف.
وأضاف أن حماس تدرك بأن الحفاظ على العلاقة مع السعودية وإيران في نفس الوقت أشبه إلى المستحيل، مشيرا إلى أن الحركة بعثت برسائل خلال الأيام والأشهر الماضية إلى إيران ولكنها لم تلتقطها بشكل إيجابي، لذلك من الصعب أن تبقى مع محور إيران إلى الأبد.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة " على الرغم من أن البيان لم يتطرق صراحة إلى دعم العملية العسكرية في اليمن، إلا أن حماس كانت موفقة بشكل كبير في الحديث عن أهمية الحفاظ على الشرعية الدستورية ومصالح الشعب اليمني حتى تذهب إلى خلافات أخرى مع أي دولة".
وكان عضو المكتب السياسي لحركة حماس محمود الزهار قال إن هناك وعودا لعقد لقاء يجمع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بالقيادة السعودية، مؤكدا أن حركته ترغب بالذهاب للسعودية وأن الاعلان عن الترتيبات الخاصة بذلك سيعلن عنه في وقته
تجربة مصر
من جانبه، رأى المحلل والكاتب السياسي طلال عوكل أنه من الواضح أن حماس لا تريد أن تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة عربية، لكي لا تعيد تجربة مصر.
وقال : " إن الأزمة اليمنية تجعل الحركة مترددة في عودة العلاقة مع إيران، لذلك أرادت أن تكسب رضى السعودية، مع المؤشرات التي تتحدث عن قرب توجه وفد إلى الرياض وبالتالي تقوية العلاقة مع آل سعود".
وأكد عوكل أن البيان كان حذرا جدا، مفسرا ذلك بأن السعودية من الصعب أن تتفهم الآن أي موقف غير موقفها خاصة بالنسبة للعرب، في ظل ما تعتبره بأن سيطرة الحوثيين على اليمن يمثل خطرا استراتيجيا كبيرا بالنسبة لها.
واستبعد عوكل أن يتم توجيه دعوة إلى حماس خلال الأيام القليلة القادمة لزيارة المملكة، نظرا لانشغالها الكبير في العملية العسكرية باليمن.
المصدر :