ثمَّنت نقابة المحامين الفلسطينيين، القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، الصادر مساء أمس الجمعة، بغالبية أعضائها، والذي أكّدت بموجبه ولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكّد مجلس النقابة، على أنّ هذا القرار التاريخي جاء في إطار الجهود الرامية لملاحقة المجرمين الصهاينة المتورطين بارتكاب جرائم الحرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأشار إلى أنّ نقابة المحامين الفلسطينيين كانت قد تقدمت بمذكرة للمحكمة الجنائية الدولية بصفتها "عضو صديق" للمحكمة (Amicus Curiae) المتعلق باختصاص المحكمة الجنائية الدولية في أراضي دولة فلسطين، وقدمت المذكرة باسم المحامين الفلسطينيين من خلال طلب رسمي رفعه للمدعية العامة للمحكمة، السيدة فاتو بن سودة، ورئيس قلم المحكمة، السيد بيتر لويس، وذلك بناء على قرار الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية الصادر في مدينة لاهاي بتاريخ 28 كانون الثاني/ يناير 2020، بشأن الولاية الإقليمية للأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأضاف: "مذكرة النقابة تضمنت دعوة لقضاة المحكمة أن يقرروا اختصاص المحكمة في الإقليم الفلسطيني بما يشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، مستندة إلى الأسس القانونية التي رسمت حدود دولة فلسطين، بما في ذلك اتفاقيات الهدنة وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والقانون الدولي الانساني (قانون الاحتلال الحربي) وقانون المعاهدات والمنظمات الدولية وقانون التوارث الدولي وقانون الجنسية".
كما شملت المذكرة ردًا أوليًا على الحجج التي تطلب المحكمة بعدم الاختصاص بحجة أن حدود فلسطين غير مرسومة بشكل نهائي، مُنوّهةً إلى أنّ حدود عدد من الدول الأعضاء في المحكمة متنازع عليها أيضا وهذا لم يمنع المحكمة من الاختصاص المكاني بخصوصها.
وطالبت النقابة، المحكمة بتطبيق ميثاق روما في الأراضي المحتلة دون أن تقوم برسم حدود دولة فلسطين لأن تلك الحدود قد رُسمت وفقاً للقانون الدولي المتمثل بالعرف الناتج عن تكرار ممارسة الدول لأكثر من 70 عاما.
وقدّمت ملاحظات خطية تفصيلية، بناءً على صفة صديق المحكمة، مُطالبةً فيها المحكمة بأنّ تُعلن اختصاصها الموضوعي بملاحقة مجرمي الحرب، خاصة المتهمين بارتكاب جرائم الاستيطان والتهجير والفصل العنصري والجرائم المرتكبة خلال الحرب على غزة وعمليات القتل العمد وهدم الممتلكات وقصفها ومصادرة الأراضي واحتجاز الأسرى وحرمان الشعب الفلسطيني من الحق في تقرير المصير، وهي حقوق قد تم إقرارها في ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف والقانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين الدولي، وكلها تشكل جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية يمكن المعاقبة عليها بناء على ميثاق روما المؤسس المحكمة الجنائية الذي انضمت إليه فلسطين عام 2015.
وشدّدت على أنها تتابع هذا الملف من خلال الاستعانة بعدد من الخبراء الفلسطينيين والدوليين عن طريق لجنة قانونية وقد تم انتداب خبير القانون الدولي المحامي معتز قفيشة، أستاذ القانون الدولي المشارك في جامعة الخليل، بأن يقوم بإعداد الملاحظات الخطية التي قدمت أمام قضاة المحكمة بالاستعانة والتنسيق مع الخبراء داخل فلسطين وخارجها، كما ضمت اللجنة المحامية رانيا غوشة التي تحمل شهادة بالقانون الدولي من جامعة السوربون في فرنسا.
وأكدت نقابة المحامين على تحمل مسئولياتها اتجاه هذه القضية وستقوم بالإعداد والتجهيز مع كافة جهات الاختصاص للملفات التي تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لتقديمها المحكمة الجنائية الدولية ولن تتوقف حتى نيل المعتدين من قوات الاحتلال ومستوطنيه جزائهم على ما اقترفته ايديهم من جرائم بحق شعبنا وارضنا ومقدساتنا
من جانبه، قال قفيشة إنّ مذكرة نقابة المحامين الفلسطينيين من أكثر المذكرات اقتباسا من قبل المدعية العامة من خلال طلبها المقدم للمحكمة بعد تقديم مذكرات أصدقاء المحكمة؛ فقد تم اقتباسها 12 مرة، أما في قرار المحكمة الحالي فقد تم الإشارة إلى مذكرة النقابة أربع مرات تم فيها الرجوع لعشر فقرات من مذكرة النقابة وهي الفقرات 27 و39-48.
وأوضح أنّ العنصر الحاسم الذي تم فيه تبني ما طلبته نقابة المحامين الفلسطينيين بالكامل فقد ورد في الفقرة 130 من قرار المحكمة، مُشيرةً إلى أن قرارها محصور بشأن الاختصاص في التحقيق والمقاضاة الجنائية ولا يشمل المسائل الأخرى التي يرسمها القانون الدولي، خاصة موضوع الحدود.
ولفت إلى أنّ المحكمة "لا تُقرر في نزاع حدودي وفقا للقانون الدولي ولا في أي مسألة ذات صلة بالحدود المستقبلية"، فموضوع الحدود كان عنوان مذكرة النقابة، أما موضوع عدم صلاحية المحكمة برسم الحدود فهذا بالضبط ما طلبته نقابة المحامين في الفقرة 67 من مذكرتها، وهي الوحيدة التي طلبت ذلك من بين حوالي ال 70 مذكرة قدمت للمحكمة جاءت مذكرة نقابة المحامين الفلسطينيين من بين ما يقارب الـ 70 مذكرة قدمتها منظمات وخبراء منهم من المؤيدين لفلسطين.
المصدر : الوطنية