تسربت في الأونة الأخيرة معلومات بالرغم من التكتم الشديد، تحدثت عن اهتمام غير مسبوق بشخصية شابة، كان لمواقفها الأخيرة صدى ودوي داخل المجتمع السعودي.
فبعد الدعوة التي أقامها أمام محكمة العدل الأوروبية رجل الأعمال السعودي الدكتور أحمد البوقري على قناة الجزيرة القطرية ووكالة أنباء الأناضول وصباح التركية، وقناة العالم الإيرانية لتجاوزهما المعايير الأخلاقية والمهنية في التعاطي مع حادثة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وذهابهما إلى محاولة النيل من كرامة شعب السعودية في هذه القضية، برز هذا الشاب كأحد المدافعين عن حقوق الإنسان، وتجلت وطنيته بامتياز في إعلانه أنه لا يريد شيئاً لنفسه في هذه الدعوى، وأنه مستعد للتنازل عنها شرط أن تتقدم قناة الجزيرة ووكالة الأناضول باعتذار للشعب السعودي عن ما بدر منهما من إساءات.
هذا الموقف المتقدم وطنياً وأخلاقياً كان لابد أن يلاقي صداه في أوساط شعب السعودية الذي انبرى عبر وسائل الإعلام السعودي من صحف محلية وقنواتها التلفزيونية الرسمية، كما التواصل الاجتماعي للتعبير عن احترامه وتقديره لهذا المواطن الشاب ودعمه له في القضية التي يحملها، والتي تمثل نبض الشارع كله.
إلى جانب هذا الموقف كان للبوقري موقفاً آخر لا يقل وطنية، عندما انبرى في سلسلة مقالات ومقابلات صحافية ليحذر من مخاطر انجرار المملكة العربية السعودية بما تمثل عربياً وإسلامياً إلى فخ التطبيع مع "إسرائيل" أو القبول بمشروع صفقة القرن، مفنداً المخاطر البالغة الأثر التي ستصيب المملكة من جراء هذا المشروع إن على الصعيد الداخلي أو العربي أو على صعيد موقعها كقائدة للعالم الإسلامي تمثل الرابط الروحي الذي يجمع المسلمين في كل أنحاء الأرض، بالأراضي المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
هذه المواقف كان لابد أن تثير الاهتمام ليس على الصعيد الشعبي فقط، إنما أيضاً داخل الحكومة السعودية خاصة على صعيد الدور الذي يمكن أن تلعبه شخصية مثل الدكتور أحمد البوقري مستقبلاً كطاقة متاحة في حملة التغيير والإصلاح التي تشهدها المملكة منذ فترة.
المعلومات تحدثت عن مفاوضات تجري لتعيين البوقري في منصب وزاري رفيع وأن هذ التعيين قد يصدر مع بداية شهر رمضان المقبل، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: “ما الغاية من وراء هذه الاندفاعة؟ هل هي فقط الاستفادة من كفاءة هذا الشاب وعلمه؟ أم انها تحمل في طياتها أهدافاً أخرى؟.
بعض المطلعين لا يستبعدون أن يكون هناك غايات غير معلنة تخفي وراءها أهدافاً سياسية، والتي تتمثل في محاولة حمله عن التنازل عن مواقفه المبدئية سواء في الدعوى المقامة من قبله ضد قناة الجزيرة القطرية، أو في موقفه الرافض للتطبيع مع "إسرائيل" والذي لاقي تجاوباً كبيرا داخل المملكة العربية السعودية هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لقى رفضه للتطبيع اهتمام وتأييد شعبي عربي إسلامي واسع ومنقطع النظير، أما من ناحية أخرى فإن الاحتمال الآخر هو أن يكون القادة السعوديين قد قدروا للبوقري شجاعته ووطنيته في التصدي للحملة على شعبه، فقرروا أن يسندوا إليه مسؤولية تليق بمكانته الوطــنية، ثقة منهم بأنه سيكون على قدر المسؤولية.
في خضم هذا المشهد يبرز السؤال التالي ما هو الموقف الأميركي والأوروبي من مسألة تعيين شخص مثل أحمد البوقري في منصب قيادي رفيع في بلد يمثل أهمية استراتيجية كبيرة لكل من الولايات المتحدة والغرب، وخاصة أنه يأتي وقت تضغط الولايات المتحدة بكل قوتها على السعودية للدخول في نادي المطبعين مع العدو. فهل هذا التعيين في حال تم سيمر دون إثارة عاصفة حوله من قبل الولايات المتحدة، في مقابل الموقف الأميركي والأوروبي، يسأل المراقبون ماذا سيكون موقف دول العالم الإسلامي في ظل إعجاب شعبي كبير في هذه الدول بمواقفه، والتي كان ينتظر أن تصدر عن حكومات هذه الدول، ولكن للأسف فإن ذلك لم يحصل، برأينا أن الأيام القادمة ستحمل لنا الإجابات الحاسمة، وأن التجاذب سيكون على أشده، ولكن في كل الحالات باعتقادنا أن البوقري لن يغير ولن يتغير، فالمسؤولية هي تكليف وليست تشريف.
المصدر : وكالات