كشف برنامج "ما خفي أعظم" الذي بثته قناة الجزيرة الفضائية مساء الجمعة، تحت عنونا "من أصدر الأمر؟"، عن تفاصيل ومعلومات حصرية عن مقتل الناشط الفلسطيني نزار بنات.
وفي 24 يونيو/حزيران الماضي قُتل "بنات" (44 عاما)، بعد ساعات من إلقاء القبض عليه من قوة أمنية فلسطينية في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، فيما اتهمت عائلته تلك القوة بـ"اغتياله"، ولاقت الحادثة ردود فعل شعبية ودولية غاضبة طالبت بالتحقيق في ظروف مقتله.
وخلال مقابلة مع طبيب التشريح سمير أبو زعرور، قال إن نزار بنات تعرض لـ42 ضربة في أنحاء جسده، وأن وفاته كانت نتيجة اختناقه بغاز الفلفل الذي رُش عليه عند اعتقاله، مؤكدًا أنه لم يتم إضافة أي إصابة لم يُشاهدها فريق التشريح في التقرير الطبي.
وعرض التحقيق، تقريرًا للطب الشرعي بشأن أسباب الوفاة، وجاء فيه أن جثة "نزار" ظهرت عليها كدمات وخدوش، وأن الوفاة كانت غير طبيعية بعكس ما أعلنت السلطة الفلسطينية.
ونقل "ما خفي أعظم" عن شاهدي عيان وهما محمد وحسين بنات، أن 14 عنصرًا اقتحموا المنزل ليلة الحادثة عند الساعة 3:15 فجرًا، وطلبوا من المتواجدين في المنزل عدم التحرك أو التكلم، مردفين: "اعتقدنا أنهم مستعربون بحكم توقيت المداهمة".
ووفق شهادتهما فإن عناصر الأمن وجهوا المسدسات نحو رؤوس النيام في الغرفة، إلى أن تم تشخيص "نزار" من بين المتواجدين، إذ بدأ أحد عناصر القوة بضربه بشكل مبرح في أنحاء جسده، ثم كبّلوه وقيّدوه، وعندما جثم على ركبتيه انهالوا عليه بالضرب مرةً أخرى، ورشوا في وجهه عبوات صغيرة من غاز الفلفل حتى فقد أعصابه وخرّ أرضًا ثم ضربوا رأسه بالجدار، وجرّوه إلى الخارج في سيارة أقلّتهم جميعًا إلى مكانٍ لا نعرفه.
وأضاف حسين بنات في حديثه لـ "ما خُفي أعظم" بعد الضرب الوحشي الذي تعرض له "نزار"، تيقنّا أن القوة هي تابعة لجهاز الأمن الوقائي وأنه يتعرض لعملية اغتيال حقيقة، دون رادعٍ من أحد.
وبعد الحادثة استدعت الأجهزة الأمنية "حسين" وطلبوا منه أن يشهد بأن "نزار قاوم القوة الأمنية وكان بحوزته سلاح"، تبعًا لما أورده في المقابلة.
وبحسب "ما خُفي أعظم" ومقاطع مصورة عرضها فإن نزار بنات "أُلقي في ساحة مقر الوقائي لبعض الوقت ثم نُقلَ لمشفى الخليل الحكومي على عكس ما أعلنته السلطة الفلسطينية بأنه لم ينقل لمقر الوقائي".
وعرض البرنامج وثيقة مسربة، تُشير إلى أنه قبل يومٍ واحد من مقتل نزار بنات تم وضع قائمة من 15 شخصًا مطلوبًا للأجهزة الأمنية ووصفهم بأنهم "بنك أهداف".
كما كشفت وثيقة مسربة (نشرها ما خفي أعظم) عن النائب العام أكرم الخطيب، أكد فيها أن مذكرة اعتقال "نزار" صدرت لشرطة الخليل، ومحاولة اعتقاله من قِبل "الوقائي" لم تكن وفق القانون.
أما غسان بنات شقيق "نزار" فقد جاءت في شهادته للبرنامج أنه "عُرض على العائلة 10 مليون دولار، و30 وظيفة منها وظائف عليا من أجل إغلاق القضية لا سيما على المستوى الدولى"، لكنهم رفضوا، مؤكدًا أن العائلة "ستتوجه للمحاكم الدولية لأن الأموال التي تدعم بها السلطة الفلسطينية تستخدم لقتل الناس بدلاً من المشاريع المخصصة لها" وفق تعبيره.
وتابع "غسان": "أنه لا يُعقل أن يتم تشكيل لجنة تحقيق من نفس السلطة التي نفذت جريمة قتل نزار".
وعقب الحادثة مباشرة، شكلت الحكومة الفلسطينية لجنة تحقيق رسمية في وفاته، وتم إحالة تقرير اللجنة للقضاء العسكري، وجرى اعتقال 14 عنصر أمن فلسطيني، قبل أن يعلن رئيس اللجنة، وزير العدل محمد شلالدة، مطلع يوليو/ تموز 2021، بأن نزار بنات "تعرض لعنف جسدي، ووفاته غير طبيعية".
من جهته، قال غاندي أمين محامي عائلة "بنات"، إنه لم يصدر أمر مكتوب للقوة لتنفيذ اعتقال "نزار"، بل أمر شفهي، لافتًا إلى أن "عناصر الأمن الوقائي من نفذوا العملية دون مرافقة عناصر الشرطة"، ولم يحملون مذكرة اعتقال بحقه، إضافة إلى أنهم نفذوا العملية بسيارة غير قانونية.
وأردف "غاندي" لـ "ما خُفي أعظم": إن كلام محامي عناصر الأمن المتورطين زيد الأيوبي، بأن "نزار" كان يعاني أمراضًا في القلب لا يُثبت وفاته بسبب ذلك.
بدوره تساءل المقرر الأممي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية مايكل لينك، عن سبب إرسال 14 عنصر أمن لشخص كان يمارس حرية التعبير؟.
وخلال حديثه للبرنامج يرى "لينك"، أن الناشط نزار بنات دفع ثمن موقفه السياسي، مستطردًا: "أن الادعاء بتهمة ذمّ السلطات والمسؤولين مؤشر على حكومة قمعية ولا تلتزم بمعايير الديمقراطية".
المصدر : الوطنية