تقرير/ وجيه رشيد
في أحد المصانع التقليدية بأحياء مدينة غزة، يُعيد إيهاب حجازي تدوير النفايات البلاستيكية منذ عقود بطرق صديقة للبيئة لصناعة الحصائر، مهنة ورثوها عن أجداده ويحرص على تعليمها لأبنائه وأحفاده.
وارتبطت صناعة الحصير بالهوية الفلسطينية كحرفة يدوية في بدايات السبعينات والثمانينات، فكان حي التفاح والشجاعية شرق مدينة غزة يمتلئ بمحلات صناعتها، كما أن إقبال الناس عليها ما زال مهمًا نتيجة أسعارها البسيطة مقارنة بالسجاد والمفروشات المختلفة الأخرى.
وعادت هذه الصناعة إلى الواجهة مؤخرًا في قطاع غزة بعد ارتفاع الطلب عليها نتيجة اشتداد وطأة الحصار الإسرائيلي الخانق، وصعوبة الوضع المادي للسكان جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل لأكثر من 15 عامًا.
وفي الوقت ذاته، لا يطبق الحصار على أوضاع الناس فحسب بل شكل عبئاً كبيراً على مصانع الحصير التي تعتمد على المواد الخام من "إسرائيل"، وكذلك على استمرار وصل التيار الكهربائي، ما فرض على المهنيين البحث عن حلول جديدة.
الحصير من المخلفات البلاستيكية
وقال إيهاب حجازي (69 عام)، مدير مصنع حجازي للحصير، وهو أقدم وأكبر مصنع للحصير في قطاع غزة، حيث أنشأ عام 1985: "لجأنا إلى فكرة إعادة تدوير النفايات البلاستيكية لصناعة الحصائر التقليدية بعد الحصار الإسرائيلي الخانق على قطاع غزة عام 2006".
وأضاف حجازي، خلال حديثه لـ "الوطنية": "نقوم بجمع المخلفات البلاستيكية من النفايات وإعادة جرشها وتنظيفها ثم تحبيبها ثم صباغتها وأخيرًا عمل الحصيرة بصورها النهائية".
موكيت الغلابة وطراز شعبي
ولفت إلى أن هذه الحصائر هي "موكيت الغلابة" وتتواجد عند الطبقات الوسطى والفقيرة وخاصة في المخيمات والأرياف نظرًا لانخفاض سعرها مقارنة بالموكيت والسجاد الفاخر.
ونوه إلى أن هذه الحصر تتمير بسهولة تنظيفها وسهولة فرشها على الأرض وألوانها الزاهية والجميلة والرسومات والأشكال المتواجدة عليها حسب اختيارات الزبائن.
وتعد الحصائر امتداد للطراز الشعبي الفلسطيني (السجاد والصوف) ثم تحولت من الصوف إلى البلاستيك، مشيرًا إلى أن إقبال المواطنين على هذه المنتجات ضعيفًا للغاية بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها أهالي القطاع.
عملية التصنيع
ويتم إعادة تصنيع مخلفات البلاستيك بعد صهر المواد المجمعة تحت حرارة معينة فتخرج على شكل بوص بلاستيكي رفيع، ثم نصبغها بألوان مختلفة عبر ماكينات متخصصة لتجهيز البوص، وإدخاله على ماكينات صناعة الحصير.
ولفت حجازي، إلى أن الحصائر كان يتم تصديرها للخارج قبل عام 2000 على الضفة الغربية وعرب 48 وعلى الجولان، ومنذ ذلك العام وحتى الآن أوقف التصدير كليًا حيث يتم ترويج وتسوق هذه المنتجات محليًا داخل قطاع غزة.
ورغم غزو الأسواق بالسجاد الفاخر المستورد من الخارج إلا أن محال غزة تحاول الحفاظ على صناعة وبيع الحصير وسط إقبال يومي محدود من المواطنين.
وليس وحده الحصار ما يطبق على هذه الحرفة اليوم بل عزوف الناس عنها وانجرارهم وراء الصناعات الحديثة التي غزت الأسواق في كل مكان، وعدم القدرة على تصديرها للخارج وانقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر المواد الخام لصناعتها.
المصدر : الوطنية - وجيه رشيد