لاتزال مدينة رفح جنوب قطاع غزة، التي يتحصن بها أكثر من مليون وربع المليون نازح، تثير جدلا داخل المجتمع الإسرائيلي، ويبدو أن الجيش الإسرائيلي وحتى رئيس الوزراء ا بنيامين نتنياهو، "غير متحمسان" للعملية، بحسب تحليل صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
فبحسب الصحفي عاموس هاريل، في تحليل نشرته هآرتس، فإن هناك حالة ارتباك ما بين نتنياهو والجيش، الذي كان يعاني من نقص التوجيهات الواضحة من المسؤولين السياسيين خلال السنوات الماضية، لكن الأمر أصبح أكثر صعوبة حاليا، لأن الحكومة لا تقول للجيش ماذا تريد.. وهناك القليل من الناس، في إسرائيل وفي الساحة الدولية، يفهمون ما يهدف إليه نتنياهو.
ويقول الكاتب في الصحيفة اليسارية إنه من الواضح حاليا أن الجيش لا يضغط على الحكومة للتحرك نحو رفح، لأن الأجهزة الأمنية تركز على خان يونس، لمطاردة قيادة حماس، وعلى رأسهم يحيى السنوار، وهو ما يتطلب أسابيع وليس من المؤكد أن الأمر سينتهي بالقبض على السنوار أو غيره.
ولا تزال هناك مخيمات للاجئين في وسط قطاع غزة، وهي مخيمات النصيرات ودير البلح، لم تعمل فيها إسرائيل بعد.
وتعتبر كتيبتا حماس المتبقيتان هناك أقوى وأفضل تنظيما من الكتائب الأربع الموجودة في رفح، ولا تزال لدى المعسكرات المركزية بنية تحتية لإنتاج الأسلحة لم يتم ضربها بعد.
وأضاف الكاتب أن نتنياهو يشدد موقفه في المفاوضات غير المباشرة لزيادة الضغط على حماس، وفي المقابل يضع إسماعيل هنية، قائد حماس خارج غزة، بدائل غير قابلة للتنفيذ، وهو ما يجعل فرص التوصل إلى اتفاق تتضاءل.
وطالب هنية بضرورة "وقف كامل للعدوان وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة ورفع الحصار وعودة النازحين، والالتزام بإعادة بناء غزة".
ويرى الكاتب أنه أمام هذه المطالب فإن الاتفاق يبدو بعيد المنال، مما يشكل خطرا واضحا على حياة الأسرى الإسرائيليين، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 32 من أصل 134 محتجزا في قطاع غزة.
ويشارك مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام الشاباك والموساد في إعداد الخطوط العريضة للمفاوضات حول إطلاق سراح الأسرى. وقد عُرض ذلك على نتنياهو، لكنه رفضه. من المعقول الافتراض أن الجيش سيدعم التوصل لصفقة حتى مع وقف إطلاق نار طويل الأمد في قطاع غزة، على أساس أن هذه المأساة تمزق المجتمع الإسرائيلي.
لكن الكاتب يرى أن رؤساء المؤسسة الأمنية لا يضغطون على نتنياهو بقوة للقبول بالصفقة، لأن وقف القتال سيسرع التحقيقات في الإخفاقات التي أدت إلى الحرب والاستقالات المتوقعة لكبار مسؤولي الدفاع.
ويشير إلى أنه ربما توجد مصلحة مشتركة لدى المؤسسة الأمنية ونتنياهو لمواصلة الحرب.
لكن حتى يتم اقتحام رفح سيحتاج الجيش الإسرائيلي إلى خطوتين تحضيريتين تتطلبان وقتاً، أولا: إخلاء معظم السكان، كما حدث في شمال قطاع غزة ولاحقاً في خان يونس، ثانيا: نشر المزيد من القوات المجندة وقوات الأمن وإعادة تعبئة الوحدات الاحتياطية، التي تم تسريح جميعها تقريبًا في الأسابيع الأخيرة. كما أن عودة السكان إلى مدينة غزة وخان يونس تعني العيش بين الأنقاض دون بنية تحتية.
ويرى الكاتب أن الحكومة الإسرائيلية ترفض وضع خطط واضحة فيما يتعلق بكيفية استمرار الحرب، بالإضافة إلى عدم جود ترتيبات خاصة باليوم الذي تنتهي فيه الحرب، وهو ما يصعب الأمر على المهنيين في المؤسسة الدفاعية، كما هو الحال بالنسبة للمسؤولين الأميركيين والأوروبيين الذين هم على اتصال دائم مع إسرائيل.
المصدر : وكالات