على بعد أمتار قليلة عن موقع بناء، يجلس ميسرة نجم ليخطف بعض دقائق الراحة من عمل شاق بدء بعد وقت السحور وامتد حتى اشتداد شمس الظهيرة الحارقة.
شح الوظائف وسوء فرص العمل المتوفرة في قطاع غزة أجبرت نجم على الاستمرار بالعمل في البناء مع رفقاء كدحه.
عمال البناء في شهر رمضان لا تختلف طبيعة عملهم عن باقي أشهر الصيف، فالحرارة واحدة، والحاجة للشرب وترطيب الجسم ضرورة ملحة.
يباشر نجم عمله بعد السحور مباشرة، دون كلل أو سخط، حامدًا الله على امتلاكه عمل يوفر قوت يومه له ولأسرته، ويقول بسخرية إنه لم يتوفر له عمل مكتبي مريح ليتركه ويعمل هنا بالبناء.
ويواجه عمال البناء في قطاع غزة معادلة صعبة في اختيار وقت العمل المناسب لعملهم الشاق الذي يتطلب مجهود عضلي وجسماني.
ويعاني العمال من مشقة العمل في النهار في ظل دخول شهر رمضان، وتزايد الحاجة لشرب المياه لتعويض السوائل التي يفقدونها، حيث لا يستطيعوا العمل في الليل بعد الفطور لغياب الإضاءة، بفعل انقطاع التيار الكهربائي بنصف فترة عملهم.
وعلى الجهة المقابلة لنجم، وجدنا العامل عبد الله عوض الله يضبط أدواته استعدادًا لمرحة جديدة في العمل، حيث يقول إن العمل في شهر رمضان يختلف عن الأيام العادية، مضيفًا أن "في رمضان يوجد العرق والتعب وحتى الملل في العمل".
وأوضح عوض الله أنه ما باليد حيلة، وأنه مضطر هو وزملائه لتحمل صعوبة ظروف العمل الحالية.
أما ياسر شتات كان أكثر زملائه شكوى من ظروف عمل البناء أثناء الصوم، فقال لـ الوطنيـة إن الطقس حر وحم، يؤثر على انتاجيتهم ويحد من الرغبة في العمل.
ولا يستطيع العمال أخد أيام إجازة أو تأجيل العمل لبعد انقضاء الشهر الفضيل، في ظل أعداد العمال الكبيرة العاطلة عن العمل، وعدم ثبات أسعار مواد البناء، إن وجدت بالأساس.
ويوجد ما يقارب 250 ألف عامل فلسطيني في غزة عاطل عن العمل نتيجة إغلاق المعابر والحصار المفروض على قطاع غزة.
وفاقم العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع الصيف الماضي من أزمة البطالة، حيث فقدت نحو 18 ألف أسرة مصدر رزقها وفرصة عمل معيلها.
وبالنسبة للعمال الذين على رأس أعمالهم وتتوفر لهم مشاريع للعمل فيها، يعانون ظروفًا صعبة جعلت أوضاعهم المعيشية تصل إلى مرحلة حرجة، في وقت لا ينظر أحد من الجهات المسؤولة لمعاناتهم.
المصدر :