على بعد أمتار قليلة من معمل "مشروع زوادة" تستوقفك رائحة الطعام الزكية التي تفوح منه، وما أن تطأ قدماك بوابة المشروع حتى يجذب نظرك عمل خلية نحل نسائية تنتج جميع أصناف الأطعمة.
منتشرات في أرجاء المعمل، يرتدين زي الطباخ الوردي، منهن من تقوم بعجن الفطائر، وأخريات يقمن بتجهيز الحلويات، وغيرهن ممن يزينّ الأطعمة ويغلفنها بشكل جميل، بشغف لإنتاج طلبات الطعام بوقت أسرع.
وتخرج العاملة كفاح زقوت (50 عامًا) في تمام الثامنة صباحًا من منزلها، متوجهة إلى نقطة عملها في مشروع "زوادة"، كي تنتج أشهى أنواع الأطعمة مع زميلاتها العاملات في المشروع.
وتعبر زقوت عن مدى حبها للعمل قائلة: "بعد عملي في زوادة شعرت بأنني امرأة عطاءة بإمكانها أن تعيل أسرتها"، مكملة "كان يتوجب عليّ العمل كي أعيل أفراد أسرتي المكونة من 11 شخصًا وخاصة أنني امرأة أرملة".
أما المدير التنفيذي للمشروع مها المصري، تقول إن الفكرة جاءت بناء على عمل بعض النساء في منازلهن بشكل فردي، وإنتاج بعض الأصناف وفق الطلبيات التي تعرض عليهن من الأصدقاء والأقارب مقابل مردود مادي بسيط، موضحة أنه من هذا المنطلق "وجدنا أن لديهن مهارة عالية لكن رأس المال غير متوفر".
وتضيف المصري أن مؤسسة العمل ضد الجوع - أسبانيا - هي التي مولت مشروع "زوادة" وشاركت في تنفيذه جمعية تنمية المرأة الريفية في منطقة السوارحة _ النصيرات، باشتراك عشرين عاملة ممن يعشن أوضاعًا اقتصادية صعبة، ولخمس ساعات يوميًا، من الساعة الثامنة صباحًا وحتى الثانية مساءً.
ويعتبر المشروع تصنيع غذائي، يشمل جميع أنواع الأطعمة من الحلويات والمعجنات والمأكولات الشعبية.
وعن طبيعة الطلبات التي تتلقاها إدارة المشروع، تؤكد المصري أن الطلب لإنتاج أصناف متنوعة من الأطعمة بات بشكل كبير في الفترة الحالية وخاصة حين "تلقينا طلبات من المطاعم"، حيث ضاعفت العاملات ساعات عملهن، ويعود السبب لهذا كون المنتجات شبيهة تمامًا للأطعمة التي يتم إنتاجها في المنزل.
ويعتبر الوضع الاقتصادي الصعب في قطاع غزة من أكثر الأزمات التي تواجه المجتمع الفلسطيني ككل، بسبب سياسة الاحتلال الإسرائيلي وخاصة الحصار على القطاع الذي أطفأ شمعته العاشرة.
مُعيقات
ووفق ذلك، تقول المصري إن الصعوبات التي يوجهها فريق عمل المشروع، تتمثل بالكهرباء التي تؤثر بشكل كبير على سرعة إنجاز الطلبات، حيث "لم نستخدم جميع من الآلات التي نمتلكها بسبب نقص ساعات وصل الكهرباء"، حيث توفر الأجهزة الكهربائية وقت وجهد وراحة للعاملات.وتجلس المشرفة على المشروع من جمعية تنمية المرأة الريفية فايزة أبو سويرح في زاوية من المعمل، تجاذب أطراف الحديث مع العاملات وتشاركهم إنتاج أصناف متعددة من الأطعمة.
وتقول أبو سويرح إنه تم اختيار العاملات بناءً على بعض المعايير التي وضعتها جمعية تنمية المرأة الريفية، حيث قام فريق من الجمعية بزيارة ميدانية إلى منازل النساء، وتم اختيار من هن تحت خط الفقر، والأرامل والمطلقات اللواتي يعلن أسر بأكملها.
وعن طبيعة الدورات التدريبية التي تتلقاها العاملات، تقول أبو سويرح إن كل عاملة في المشروع خضعت لعدد من الدورات وورشات عمل تدريبية، بالشراكة "ACF".
وبينت أن هذه الدورات تمثلت بالتصنيع الغذائي لتطوير مهاراتهن، إضافة إلى دورات حقوقية كي تنورهن لمعرفة حقوقهن، وذلك لتطوير المعرفة لديهن جميعًا، وتمكينهن برعاية عوائلهن، كي تكن كل منهن قائدة في منزلها ومجتمعها.
وشكرت العاملات في المشروع منسقة مؤسسة العمل ضد الجوع المهندسة سها النجار على ما قدمته من أجل إنجاز المشروع.
المصدر :