يطوف شادي قداس (30 عامًا) على المحلات التجارية المنتشرة في حي الرمال غربي مدينة غزة يشرح بإيجاز للعاملين فيها أهمية عدم تجاوبهم مع المتسولين الذين ينتشرون بشكل ملحوظ خلال ساعات النهار في هذا الحي الراقي.

"قداس" واحد من بين 40 شابًا وفتاة تطوعوا في حملة ميدانية أطلقها تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة لمكافحة "ظاهرة التسول" في قطاع غزة، الذي يرزح تحت حصار إسرائيلي منذ 10 سنوات متواصلات مما رفع نسب البطالة بين الفلسطينيين إلى مستويات قياسية.

ويستهدف الشبان الأماكن التي ينشط فيها التسول منذ ساعات الصباح وحتى المساء ولمدة شهر كامل للحديث مع المتسولين والبائعين والمارة وأصحاب المحلات التجارية عن خطورة التسول.

وتتزامن هذه الحملة مع إعلان الشرطة في غزة أنها ستطلق خلال أيام حملة لمكافحة التسول في القطاع، بعد انتشار "الظاهرة" بشكل كبير وتلقيها شكاوى كثيرة من المواطنين حولها.

ويشير "قداس" في تصريح لـ الوطنية إلى أن الحملة المستمرة منذ نحو أسبوع تتركز حاليًا في مدينة غزة، على أن تنتقل لاحقًا إلى أماكن أخرى في القطاع.

وينوه "قداس" إلى أنه ومن خلال حديثه وزملاؤه إلى المتسولين في أثناء الحملة، تبين لهم أن قلة منهم فقط من كانت صادقة في لجوئها إلى هذا التصرف، في حين أن الغالبية العظمى تعتمد على التسول كمصدر رزق يسير للحصول على المال.

ويؤكد أن الفئة القليلة أبدوا تجاوبًا واضحًا مع الحملة وتركوا عند نشطائها عناوين سكنهم لمن يرغب بزيارتهم والتأكد من أوضاعهم المادية الصعبة.

ووفقا لتقارير أعدتها مؤسسات دولية، فإن 80٪ من سكان قطاع غزة باتوا يعتمدون بسبب الفقر والبطالة، على المساعدات الدولية من أجل العيش.

وحسب إحصائية رصدتها الهيئة الوطنية لكسر الحصار وإعادة الإعمار، فإن نسبة الفقر المدقع في قطاع غزة تجاوزت الـ(40)%، كما ارتفعت نسبة البطالة لأكثر من(45%).

ويلفت "قداس" النظر إلى ممارسة البعض "التسول المستتر" وراء أنشطة أخرى مثل بيع السلع الصغيرة أو أداء بعض الخدمات البسيطة، في حين يتظاهر أخرون بارتداء ملابس أنيقة ويطلبون بشفقة من المارة ممن يصادفونهم "أجرة الطريق" للعودة إلى منازلهم بداعي أنهم فقدوا أموالهم.

ويرفض وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية في غزة يوسف إبراهيم اعتبار التسول في غزة على أنه "ظاهرة" نظرًا لأن أعداد المتسولين قليلة جدًا في القطاع.

ويقول إبراهيم لـ"الوطنية" إن الأعداد المتوفرة لدى وزارته تشير إلى وجود ما بين 100 إلى 120 شخصًا بين ذكور وإناث بينهم أطفال يمارسون التسول في وضح النهار مستغلين عطف ورحمة الناس عليهم.

وينوه إلى أن هؤلاء يرتبط نشاطهم بمناطق جغرافية ومواسم معينة، وتربط بينهم في كثير من الأحيان روابط عائلية ومصالح مالية.

ويشير وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية إلى دراسات أجريت حول الموضوع بينت أن بعض المستولين يمكن أن يحصل في اليوم الواحد ما بين 200 إلى 400 شيكل إسرائيلي، وبالتالي فإن المتسول ينظر إلى الأمر كمصدر رزق كبير ولا يكلف عناءً في الوقت نفسه.

وبناء على ذلك، يرفض شادي قداس تعاطي الناس مع المتسولين من خلال الرأفة بحالهم والعطف عليهم، فالأصل أن المؤسسات الحكومية والأهلية المختصة هي من تقوم بذلك من خلال متابعة أحوال الفقراء والمحتاجين، كما يقول.

ويشدد على ضرورة تعاون الجميع لمحاربة هذه الظاهرة وملاحقة من يدفعهم لامتهان التسول والعمل على مساعدة من يستحق من عائلاتهم.

ويرى أن التسول يشوه الصورة الحضارية للشعب الفلسطيني وخصوصًا في قطاع غزة الذي يشتهر بمقاومة الاحتلال، لافتًا إلى أن من أهداف الحصار الإسرائيلي تفكيك البنيان السياسي والاقتصادي والاجتماعي لشعبنا وإيصاله إلى حالة من الإحباط والفقر والمعاناة والحرمان؛ لتصبح الأولوية توفير الحد الأدنى من مستلزمات الحياة ولقمة العيش.

وكان المقدم أيمن البطنيجي المتحدث باسم الشرطة في غزة، أكد أنه سيتم ضبط كافة المتسولين خلال الحملة الشرطية المتوقعة.

وأضاف البطنيجي في تصريح صحفي أن من يتبين أنه بحاجة للمال سيتم تحويله على وزارة الشؤون الاجتماعية، ومن يتخذها كمهنة فسيتم تحويله للنيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضده.

ونوه البطنيجي إلى أن القانون الفلسطيني يمنع أي مواطن من استخدام التسول كوسيلة للاسترزاق.

المصدر : خاص الوطنية