تفاجئ الطلبة الذين اجتازوا اختبارات الثانوية العامة "التوجيهي" لعام 2016 من تخفيض جامعات قطاع غزة لمفاتيح القبول لبعض التخصصات مثل "الهندسة وتكنولوجيا المعلومات" وغيرها من التخصصات التربوية إلى 75% - 78%.
وخفضت الجامعة الإسلامية والأزهر وجامعة فلسطين معدلات قبول الطلبة مما أدى إلى إثارة حفيظة شريحة مجتمعية كبيرة، كونها المرة الأولى التي تتدنى مفاتيح القبول إلى هذا الحد.
وتباينت أراء رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول موضوع مفتاح القبول لكلية الهندسة وتكنولوجيا المعلومات في الجامعة الإسلامية بين مؤيد ومعارض.
واعتبر عدد من النشطاء الانخفاض في معدل القبول للتخصصين دليلاً على تحويل العملية التعلمية إلى "تجارة تهدف إلى جباية المال من الطلبة فقط، في حين أن جودة التعليم مفقودة والكفاءة لدى الطلاب تقل من عامٍ لآخر".
ورأى البعض الآخر أن سبب اعتراض الكثيرين جاء غيرةً على جامعات غزة العريقة وذات المستوى الرفيع، حيث لا علاقة لمفتاح القبول بالطالب وتميزه، مؤكدين على قدرة أي طالب أن يدرس الطب بمعدل 55% في الجامعات الأوروبية ويعود إلى غزة طبيبًا متميزًا في المقابل يستطيع أحد الطلاب أن يدرس الطب بمعدل 99% لكنه يتخرج بدون كفاءة لممارسة المهنة.
وشكك أخرون في مصداقية الجامعات قائلين: إن ما تقوم به الجامعات لاستدراج أكبر عدد من الطلاب يسبب للمجتمع مشاكل متعددة على جميع المستويات في المستقبل القريب، داعين إلى عدم التسجيل حتى تعود الجامعات عن قرارتها والعمل بالنظام القديم للتسجيل والقبول.
مفتاح القبول
من جهته، قال مدير العلاقات العامة في الجامعة الإسلامية مشير عامر: إن الجامعة ليست الأولى التي خفضت معدلات القبول لعدد من التخصصات الدراسية لهذا العام، وإنما سبقتها جامعات أخرى لها وزنها على مستوى القطاع، موضحاً أن اتخاذ القرار تم بالتشاور مع الكليات وإدارة الجامعة وموافقتهم بعد دراسة المقترح من جوانبه كافة.
وأضاف عامر لـ الوطنيـة أن مفتاح القبول يخدم الطالب الذي يود أن يدرس الهندسة أو التكنولوجيا بمعدل مقبول دون ظلم، ولإتاحة المجال للجميع للالتحاق بالكلية دون التفريق والتأثير على جودة التعليم.
وأوضح "أن النظر إلى القانون بنظرة ضيقة بسبب التكدس الحاصل في سوق العمل والبطالة الموجودة في غزة بشكل عام يجعلنا نفكر في إغلاق كل الجامعات وحرمان الطلبة من الالتحاق بأي تخصص لدراسته، فالمشكلة مشكلة مجتمعية معقدة، واقتصادية وسياسية فلا يمكن تحميل الجامعات وزر مشكلة البطالة وغيرها".
وأشار إلى أن الجامعة مهمتها تقديم خدمة تعليم مميز للطالب الفلسطيني وضمان جودة التعليم وصقل شخصيته وتزويده بالمعارف لخدمة وطنه وقضيته كأي مواطن صالح في العالم.
بدوره، أكد عميد القبول والتسجيل في جامعة الأقصى عدنان الكحلوت، أنه لا تغيير في مفاتيح القبول لهذا العام، وإنما تعتمد الجامعة على معدلات واحدة منذ أربع سنوات دون الخفض أو الزيادة في المعدلات، مشيراً إلى أن جامعة الأقصى هي الأعلى قياساُ بالجامعات بالنسبة لمفاتيح التنسيق.
وبيّن الكحلوت أن الإقبال مبشر لهذا العام ولم تواجه إدارة الجامعة أي مشاكل مع الطلبة المسجلين حتى الآن، وإنما يعود سبب الخفض والزيادة في المعدلات في الجامعات الاخرى لاستيعاب أعداد كبيرة من الطلبة أو أهداف أخرى.
وفي ذات السياق، قال عميد القبول والتسجيل في جامعة الأزهر مؤمن الحنجوري: إن الجامعة لم تغير مفاتيح التنسيق بشكل كبير لكافة التخصصات ولم تختلف عما كانت عليه في السنوات السابقة، حيث تم رفع معدل قبول تخصص الصيدلة إلى 90% نظراً لارتفاع معدلات الناجحين من القسم العلمي في الثانوية العامة".
وأوضح الحنجوري أن باقي التخصصات مثل الهندسة والطب البشري وطب الأسنان تم تغيرها بشكل طفيف عن السنوات السابقة.
وأكد أن وزارة التربية والتعليم حددت معدلات القبول على ألا تكون أقل من 65% ولكن بعض الجامعات لها وجهة نظر أخرى في تحديد مفاتيح القبول للتخصصات المفتوحة لديها، مضيفًا أن جامعة الأزهر التزمت بما اشترطته الوزارة دون مخالفة أو تلاعب في المعدلات.
مصلحة الطالب
من جانبه، أكد وكيل الوزارة المساعد لشؤون التعليم العالي في غزة أيمن اليازوري أن الحد الأدنى للقبول في الجامعات داخل الوطن وخارجه تم تحديده وهو 65% باستثناء برامج الطب والصيدلة والهندسة.
وحذّر اليازوري مؤسسات التعليم العالي في غزة من مخالفة قرارات وتعليمات الوزارة، حيث ستضع نفسها تحت طائلة المسائلة القانونية.
وأوضح أن تعليمات ومعايير الوزارة فيما يتعلق بالقبول والتسجيل في الجامعات جاءت من أجل مصلحة الطالب وجودة التعليم العالي، مطالباً مؤسسات التعليم العالي بالالتزام بمعدل القبول والتسجيل المحدد للعام 2016 وعدم تسجيل أي طالب في برنامج البكالوريوس يقل معدله عن 65%.
وأشار إلى أن الوزارة لن تعترف بأي شهادة طب أو صيدلة يكون معدل صاحبها في الثانوية العامة أقل من 80% ولن تقبل أي شهادة هندسة يكون معدل صاحبها في الثانوية العامة أقل من 70%.
حرب اقتصادية
بدوره، قال المحلل الاقتصادي ماهر الطباع: إن هذا القانون المطبق حاليا في أغلب جامعات غزة يساعد على ارتفاع معدلات البطالة في التخصصات الأكاديمية كافة ولا يتيح الفرصة للتوجه وللتعليم والتدريب المهني والتقني".
وأكد الطباع أن معدلات البطالة لكل تخصص قابلة للزيادة في التخصصات الأكاديمية خلال الفترة المقبلة بسبب زيادة الإقبال على التخصصات واستيعاب عدد كبير من الطلاب.
وأوضح أن ما يحصل هي "حرب اقتصادية" بين 29 مؤسسة تعليم عالي موجودة في قطاع غزة تعاني من أزمة مالية خانقة، وتحاول الخروج من أزمتها وسد عجزها على حساب الطالب دون مراعاة لظروفه الاقتصادية.
وأضاف أن المشكلة تتحملها وزارة التربية والتعليم العالي لأنها لم تلزم الجامعات في القطاع بقانون واحد يحدد مفاتيح القبول في كل الجامعات ولا يسمح لأي جامعة أن تتخطاه.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم العالي الاثنين الماضي نتائج الثانوية العامة لأكثر من 78 ألف طالب وطالبة من مختلف المحافظات الفلسطينية، إذ وصلت نسبة النجاح لـ 64.66%.
المصدر : الوطنية _ فادي بارود