فى عالمنا العربي اصبح من السهل ولوج الباعة حتى المتجولين فى عالم السياسة، والأهم في الموضوع ان يمتلك رأس مال بعض النظر عن أصوله ومصادره، وطريقة الحصول عليه حتى لو كان ثمنه دماء الشعب وعرقهم ..
تخيل عزيزي القارئ ان غالبية أصحاب رؤوس الأموال ان معظمهم من أصول أستحماريه بمعنى أن ماضيه حمار جاء من قاع طبقة حثالة البروليتاريا، وزين الشيطان الأكبر له طريق الكسب غير المشروع بكافة وسائله القذرة من سمسرة اراضي متنازع عليها لتجارة مخدرات حتى إدخال مواد فاسدة قاتلة، حتى يصبح بعد عشية وضحاها مليونيرا، وتدريحيا يدخل فى عالم السياسة المغموس بالمال، ويتهرطق المثقغون وهم يبرون اقلامهم الرصاصية للنقد ومحاولة الجرح والتعديل، في هذا المقام أقتطف عبرة من التاريخ/ الجنرال الفرنسي ( هنري فيرناند دينتز ) يقول في مذكراته - وهو آخر مفوض سامي فرنسي على لبنان في عام 1942 - : ( لقد كنت امثّل حكومة فيشي في لبنان , وكنت على تواصل مع المخابرات الألمانية , ولكنني في السرّ كنت أخدم تحت قيادة ديغول , من أجل ان أحرر فرنسا من الإحتلال الألماني ، ولكن ما كان يذهلني هو الطبقة السياسية في لبنان ، حيث كانوا يتوافدون الى مكتبي لإعلان الوفاء والتأييد لحكومة فيشي وللألمان ، وكانت تقاريرهم تصل الى مكتبي ، و مجملها يركز على اتهام بعضهم بالعمالة لبريطانيا وديغول ، وبالمقابل عندما كان يأتيني البريد السري من ديغول ، أتفاجأ أن نفس الأشخاص يراسلون ديغول لإعلان الولاء والوفاء لفرنسا الحرة ولديغول ، ويتهمون بعضهم بالخيانة والتبعية لحكومة فيشي ...! لقد كانوا يستلمون المال من الجميع ، ويبيعون كل شيء ، وعندما نسألهم عن مطالبهم يكون جوابهم نريد لبنان سيداً حراً مستقلاً ! وهنا أسال نفسي : إذا رحلنا عنهم ، فلمن سوف يبيعون بضاعتهم لكي يقبضوا ..؟ ) برأيكم كم مثلهم الآن يا قوم ، وكم من السياسيين باع نفسه للحكومات فيشي المعاصرة، وآخرين يتباهوا انهم عبيد المتدوجلين الجدد أصحاب شعارات الثورة والحرية...