الكاتب : مصطفى شحادة
منذ أن أُعلن عن موعد عقد المجلس الوطني الفلسطيني، وهجمة الطعن بالمنظمة ومجلسها الوطني لم تتوقف من الفصائل الرافضة والمقاطعة لانعقاد المجلس.
وفي أجواء ذلك ثار لغط وجدل واسع عبر وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي، طغت فيه لغة الحوار الهابط المليئ بالشتائم والتحقير والاتهامات، على لغة النقد الرصين والموضوعي، والافتقار للعقلانية السياسية ولغة المنطق والوطنية الصادقة.
ووجدنا من يعتقد أنه يمتلك الحقيقة وأنه الحق وغيره الباطل، ومن يقف على عرش الوطنية ويوزع شهادات الوطنية واللاوطنية، فهو وحده الوطني والحريص على الوطنية وغيره مشكوك في وطنيتهم.
بل هناك صفحات ومواقع ساهمت في الهجمة كانت تمسك بشهادات الوطنية والشرعية مع أنها مشنشلة من رأسها حتى أخمص قدميها في التبعية والوصاية المفضوحة والمال السياسي.
إن التعددية السياسية هي نعمة عند بعض الدول، ولكن عندنا ستكون نقمة إذا كانت قائمة على مبدأ أنا الحقيقة الكاملة وغيري هو الباطل المطلق.
فالديمقراطية ركنها الأساسي احترام الرأي الآخر كما يُقدم نفسه، فالفصيل الذي يريد أن يُقاطع يجب احترام قراره طالما نابع من الإرادة الوطنية الحرّة لمن اتخذه، وطالما يعكس إرادة جمهور هذا الفصيل، ومن أراد المشاركة فهو أيضاً خياره الوطني وفقاً لقراءات ورؤية هذا الفصيل.
وفي الأخير التاريخ والشعب هو الذي يحكم وهو الذي سيحاسب كل هؤلاء في أول انتخابات ديمقراطية.
لقد عُقد المجلس الوطني وأصبحت كل مخرجاته من مجلس مركزي ولجنة تنفيذية حقيقة واقعة، وسيضطر الجميع التعامل مع هذا الواقع سواء الذين قاطعوا أو الذين حضروا ، كذلك كل الدول التي تربطها علاقات مع منظمة التحرير، عربية أو أجنبية، كلهم سيأخذوا مخرجاته بعين الاعتبار.
نعم لقد أُعيد تركيب منظمة التحرير في هذا المجلس، وجرى إحكام السيطرة عليها وأصبح الرئيس أكثر قوة بعد أن تم انتخابه بالإجماع من قبل المجلس رئيساً لدولة فلسطين التي هي تحت الاحتلال كما تعترف بها الأمم المتحدة، وتم قطع الطريق على أي مخططات تفكر بها الإدارة الأمريكية بايجاد بديل له، كما صرحت صحيفة نيويورك تايمز : " الوقت قد حان ليغادر محمود عباس منصبه".
لقد تابعت انعقاد المجلس وكل الجدل والخلاف حول انعقاده، ومن وجهة نظري كانت عوامل انعقاده في موعده أقوى من عوامل تأجيله، فقد كانت معظم الانتقادات والحجج غير مقنعة لمقاطعة المجلس، بل كان الأجدى المشاركة وإعلاء الصوت من داخل قاعة المجلس، فالتصويب يجب أن يتم من داخل المجلس وليس من خارجه.
لذلك سأتناول وأناقش أبرز الحجج التي سيقت لتبرير المقاطعة
والحجة الأولى هي: عدم شرعية المجلس، في المقال القادم.