من يحكم مسار السيناريوهات المحتملة لمسيرات العودة الكبرى يومي 14-15 مايو- آيار مجموعة من المحددات الإسرائيلية والفلسطينية.
إسرائيلياً، فإن أهم مدخلات صانع القرار الإسرائيلي المحددات التالية:
ضمان السيطرة والتحكم بما يضمن أن لا تتدحرج بقعة الزيت لخارج حدود قطاع غزة، (الضفة الغربية – القدس – فلسطينيو الداخل – دول الطوق – العالم أجمع).
وقف حالة الاستنزاف للجيش الإسرائيلي الذي ينشر 20% من قواته النظامية في ظل تأزم جبهة الشمال، وبما يضمن عدم الاستمرارية لمسيرات العودة ما بعد 15 أيار محدد مركزي بالنسبة لإسرائيل.
بذل أقصى جهد لتمرير احتفالية نقل السفارة دون ضجيج أو أي حدث من الممكن أن يؤثر على تلك الاحتفالية التي تراهن إسرائيل عليها في دفع دول أخرى لنقل سفاراتها للقدس.
العمل على احتواء الموقف بأقل الخسائر لتقليل الضرر الاستراتيجي لإسرائيل لاسيما الضرر المتعلق بانعكاس المسيرات على مشروع التطبيع مع الإقليم، وبما يضمن أيضاً عدم استفزاز القيادة الفلسطينية ودفعها باتجاه الذهاب لمحكمة الجنايات الدولية.
عدم السماح بأي تهديد وجودي لدولة الاحتلال.
وفقاً للمحددات الإسرائيلية فإن المحددات الأربع الأولى تتطلب احتواء للمسيرات من خلال ثلاثة سيناريوهات هي:
أولاً: سيناريو الصفقة السياسية.
ينسجم هذا الخيار مع المستوى العسكري في إسرائيل، ولكنه يتعارض مع المستوى السياسي، وعليه فإن ترجيح كفة هذا السيناريو يتطلب ثلاثة احتمالات:
مشاركة حشود فلسطينية يومي 14-15/5/2018م يزداد حجمها عن حشود يوم الأرض 30/3/2018م.
حدث أمني على جبهة الشمال خلال الساعات أو الأيام القادمة.
مشاركة الضفة الغربية والقدس والداخل ودول الطوق وكل مناصري القضية الفلسطينية في حراك يومي 14-15 مايو أيار ويستمر حراكهم ما بعد ذلك.
إن وزن هذا السيناريو يزداد يوماً بعد يوم، وأعتقد أن أهم مؤشرات دعمه تتمثل في الزيارات المكوكية للسفير القطري محمد العمادي من غزة وإلى غزة، والحديث عن زيارة مرتقبة اليوم الأحد لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، واتصالات دبلوماسية أخرى ما زالت في طور السرية التامة.
ثانياً: سيناريو الفض الناعم للتظاهرات.
قد تراهن إسرائيل على هذا السيناريو لا سيما أنها مارسته مؤخراً في تعاملها مع مسيرات العودة، حيث اعتمدت على الغاز المسيل للدموع في مواجهة التظاهرات بشكل لافت، بالإضافة لإطلاق الرصاص ولكن بنسب أقل بكثير.
هذا السيناريو قد يصلح لتظاهرات يشارك فيها بضع آلاف ولكنه لا يصلح لمسيرات قد يشارك فيها مئات الآلاف، ويغطيها مئات الصحفيين الأجانب الذين حضروا لغزة مؤخراً.
ثالثاً: سيناريو اعادة الانتشار والانسحاب لبضع كيلومترات بالداخل والسماح للمتظاهرين بالدخول كيلو متر أو اثنين.
الحشد الكبير، في حضرة حدث أكبر متمثل في مراسم نقل السفارة الأمريكية للقدس، فهذا مدعاة لأن يقتحم الفلسطينيون الحدود، ويزيلوا السياج الفاصل، وهذا سيضع الجنود الصهاينة بين خيارين:
الأول، إطلاق النار بشكل مباشر وهذا يعني خسائر كبيرة، سيكون لها تداعيات خطيرة، وقد تتدحرج كرة الثلج باتجاه مواجهة عسكرية، لا تريدها إسرائيل الآن في ظل تأزم جبهة الشمال.
الثاني، انسحاب الجنود لبضع كيلومترات وترك الفلسطينيين يقتحمون الحدود، في مراهنة إسرائيلية على تكرار ما حصل في سيناء عام 2008م أي العودة الطوعية لغزة، ومن لم يعد يتم اعتقاله.
إن وزن هذا السيناريو قد يكون هو الأضعف من بين السيناريوهات ولكنه غير مستحيل وقائم ومحتمل.
وفقاً للمحدد الإسرائيلي الخامس المتعلق بالتهديد الوجودي لدولة إسرائيل، فإن السيناريو المحتمل وفقاً لهذا المحدد هو:
سيناريو الفض الخشن لمسيرات العودة وذلك من خلال ارتكاب جرائم حرب ضد المتظاهرين عبر إطلاق الرصاص الحي لكل من يقترب من السياج الفاصل، وبذلك ستكون فاتورة الدم كبيرة وكبيرة جداً، وما تخشاه إسرائيل وفقاً لهذا السيناريو هو الأضرار المترتبة عليه والمتعلقة بصورتها أمام العالم، وبمشروع التطبيع الذي تطمح لأن تصبح دولة غير منبوذة، والخشية من استفزاز الرئيس عباس بالذهاب لمحكمة الجنايات الدولية، أو انتقال كرة اللهب إلى الضفة والقدس والداخل الفلسطيني والخارج.
رغم كل المحاذير إلا أن إسرائيل التي لا تكترث للقانون الدولي، قد تذهب باتجاه هذا السيناريو للقضاء على المسيرة من خلال زيادة تكلفتها، ومن ثم تناور بالصفقة السياسية.
فلسطينياً، فإن مدخلات صانع القرار الفلسطيني المحددات التالية:
ضمان الاستمرارية مع زيادة المكاسب السياسية والإعلامية مقابل تقليل الخسائر البشرية.
رفض قرارات ترامب بنقل السفارة الأمريكية للقدس، وإفشال صفقة القرن، وإرسال رسالة للعالم بأن قطاع غزة لا يمكن أن يسمح بتمرير الصفقة التي لا تلبي تطلعات وطموحات شعبنا الفلسطيني.
توسيع رقعة الزيت من خلال نقل نموذج مسيرات العودة لتصل إلى الضفة الغربية، والقدس، وإلى الداخل الفلسطيني المحتل، وإلى دول الطوق، وكافة عواصم العالم.
إنهاء الحصار الجائر على قطاع غزة.
وضع القضية الفلسطينية على الأجندة الدولية والإقليمية في ظل حالة التراجع في السنوات الأخيرة.
ضمن قراءة ومتابعة صانع القرار الفلسطيني للسلوك الإسرائيلي، وفي إطار المحددات السابقة فإن السيناريوهات المحتملة هي:
أولاً: سيناريو الصفقة السياسية.
قد توافق اللجنة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار على هذا السيناريو لو كان يلبي تطلعات وطموحات الشعب الفلسطيني، وبذلك يكون حراك العودة خطوة في تحقيق بعض الأهداف.
هذا السيناريو أصبح وزنه كبير، والمراهنة لتحقيقة قائمة على حجم الحشد يومي 14-15/5/2018م، لا سيما أنه يأتي في ظل الحراك السياسي القائم في المنطقة والتي تحدثنا في المقال عن بعض ملامحه.
ثانياً: سيناريو الاستمرارية على قاعدة الاستنزاف.
لم تتوقف المسيرات بعد يوم 15/5/2018م وستبقى عملية مستمرة إلى أن تتحقق الأهداف المرسومة، وبقاء المسيرات هو استنزاف للاحتلال ولصورته، رغم الألم الذي يلحق بشعبنا إلا أنه أقل الخيارات تكلفة بالمقارنة بالخيارات العسكرية.
ثالثاً: سيناريو المناورة والاقتحام.
هذا السيناريو يحمل توجهين، الأول: الاكتفاء بإزالة السياج عبر إحداث ثغرات فيه.
الثاني: تدفق مئات الفلسطينيين داخل أراضينا المحتلة، وبعد عدة ساعات تصل الأعداد لعشرات الألوف كما حصل في نموذج هدم الجدار مع مصر عام 2008م.
هذا النموذج نسبته عاليه، فهناك إصرار لدى الفلسطينيين بالعودة وفقاً لقرار 194 الفقرة 11 وهو ما سيحرج اسرائيل كثيراً.
رابعاً: تكرار ما حصل في الأيام السابقة.
قد تكون أيام 14-15/5/2018م كباقي أيام مسيرات العودة، ويتم العمل على تفرقة التظاهرات من خلال الدمج بين الفض الناعم والخشن من قبل الاحتلال، وتنجح إسرائيل في احتواء المسيرات بأقل الخسائر، وتكون هنا المراهنة على الاستمرارية وطول النفس، وابتكار وسائل نضالية جديدة، ودخول مناطق جديدة لدفع إسرائيل تجاه تعزيز سيناريو الصفقة السياسية كمدخل يرضي كل الأطراف في ظل البيئة الإقليمية والدولية بالغة التعقيد.