إنها مصالحة التقارب، التي تم انعاشها لتحقيق المصالح الثنائية وذلك على حساب المصلحة الوطنية العليا، مضت الأيام على لقاء التقارب بين جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، وصالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ، وتبخر الأمل إذا صح التسمية بأنه أمل في تحقيق المصالحة، وعادت عجلة الانقسام للدوران من جديد، نحن نشبه الي حد كبير تفاصيل ذلك الزواج الذي أُرغم العريس على الزواج من عروسه العرجاء لكثره مالها. وأُرغمت العروس على الزواج من عريسها هروباً من زوجة أبيها.
يجوز المكر في السياسة، ولا يجوز في الزواج، ولكن الحالة الفلسطينية دائماً مختلفة في تفاصيلها وفي عناوينها، فالعنوان الجديد للمصالحة التقارب، وبهدف أخر مواجهة صفقة القرن ومشاريع الضم الإسرائيلية التي تسعى لالتهام الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والأغوار، فكلا الطرفين بحاجة ماسة إلى ذلك التقارب.
لعل التقارب الجديد يدفعنا للحديث عن الكونفدرالية في نطاق الحكم بين المتقاسمين سلطة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، أي أن ذلك يعني إدارة الانقسام وفق اتفاق بين قيادة طرفي الانقسام، وهو طرح موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة حماس في وقت سابق، حيث تتمكن حركة حماس من الاستمرار في ممارسة السلطة على صعيد قطاع غزة، وتستمر حركة فتح بقيادة السلطة في الضفة الغربية، وإدارة الأدوار وفقاً للمصالح الأمنية والاقتصادية لسكان قطاع غزة والضفة الغربية، وتشكيل لجنة سياسية عليا تكون فيها السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية لها الكلمة في الخطاب السياسي والسياسة الخارجية للضفة الغربية وقطاع غزة، ومعرفة دور كلاً من الأطراف العربية والدولية من هذا الطرح ، ومعرفة الموقف الإسرائيلي والعربي والفلسطيني من فكرة الكونفدرالية.
الوضع القائم الآن في غزة هو شبه كونفدرالية غير معلن عنها بين الضفة وغزة، وتتمثل في التنسيق بين الوزارات في الضفة وغزة، والتزامات السلطة تجاه الصحة والتحويلات الطبية والتعليم في غزة، وكذلك وحدة المناهج التعليمية.
ماذا تبقى من تفاصيل لم يتم تطبيقها في نظام الكونفدرالية، سوى الاتفاق على المرجعية السياسية وتوحيد الأفكار وتبنى الرؤي التي تُناهض العدو الإسرائيلي، والوقوف صفاً واحداً في مواجهة المشاريع الإسرائيلية والأمريكية، ورفضها وادانتها وشجبها.
في الحالة الفلسطينية الكونفدرالية حقيقة ويُعمل بها، فعندما يحتاج الرئيس الفلسطيني محمود عباس حركة حماس كداعم له ولخطاباته وتوجهاته الدولية يجدها دوماً إلى جانبه، وما أن تنتهي وتنقضي مصالح الرئيس من حماس، يقلب الطاولة عليها، ويذكرنا بالانقسام وما فعلته حركة حماس بقطاع غزة خلال الأعوام السابقة، المصلحة بين الطرفين مرهونة بتحقيق المصالح وليس بتحقيق المصالحة التي يريدها المواطن الفلسطيني.
فالرئيس بحاجة لحركة حماس قُبيل أن يذهب لإلقاء خطابه الدوري على منصة الأمم المتحدة أواخر سبتمبر المقبل، ويريد أن يُرسل رسالة للمجتمع الدولي مفادها نحن كفلسطينيين موحدين في المواقف والتصريحات التي تستهدف القضية الفلسطينية وخاصة مشاريع الضم وصفقة القرن.