في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي حول العالم، وسهولة التواصل مع الجميع في أي مكان وأي زمان، برز في السنوات الأخيرة شكل جديد من أشكال النصب والاحتيال، تحت مفهوم التسويق الهرمي ( الشبكي)، يأخذ هذه الشكل من أدوات الاحتيال مفاهيم وأنواع مختلفة، لكي يسهل على القائمين عليه، الإيقاع بضحاياهم وجمع أكبر مبلغ متاح من المال في أسرع وقت، ولنتعرف بشكل أوسع وأدق على أشكال الاحتيال تحت هذه المفاهيم، علينا أن نعرف من هي الفئة الأكثر استهدافاً ليكونوا ضحايا لهذه الشبكات.
تنشط شبكات النصب والاحتيال بشكل عام، في المجتمعات النامية، وفي البقاع التي ترتفع بها نسبة البطالة، بشكل كبير، وتكون فرص الحصول على عمل فيها صعبة أو نادرة، وهنا تأتي هذه الشبكات لترمي شباكها على الباحثين عن العمل والغنى السريع، ليسقطوا في شباكهم بكل سهولة، ويتم استغلال احتياجهم للعمل والمال، ليكونوا ضحايا مثمرين لهذه الشركات الوهمية.
آلية الإسقاط والاستغلال:
في البداية يتم ترخيص وفتح شركات أعمال صغيرة، تنشط ببعض الأعمال القانونية الصغيرة في دول مختلفة تماماً عن الدول التي سيتم استهدافها، فمثلا نجد أن معظم شركات النصب تعلن أن مقراتها الرئيسية في دبي أو عمان أو كندا أو بعض الدولة الأوروبية التي يسهل الحصول على سجلات تجارية لشركات صغيرة بها.
الخطوة الثانية هي البدء ببناء منظومة إلكترونية احترافية، مميزة وجذابة، بحيث تقوم هذه الشبكات، ببناء مواقع الكترونية بشكل مميز وجذاب ومكلف، وتوفر بها خاصية فتح الحسابات الفرعية، والدفع الالكتروني، وقنوات التواصل، وبعض من أهم العملاء وقصص النجاح الوهمية، وكل ذلك في سبيل إقناع الضحايا بجدية هذه الشركة وواقعيتها، من خلال وجود خلفية وأرضية قوية لها.
الخطوة الثالثة: تحدد هذه الشبكات الدول والمناطق التي ستستهدفها، وتقوم بالايقاع بأول الضحايا، وبالعادة يكون مجموعة من الشباب/ات الناشطين على السوشيال ميديا، وأصحاب الحضور المميز، حتى يكون لهم تأثير على محيطهم وأصدقائهم، ويتم التواصل معهم وإقناعهم من خلال قصص مختلقة ومقنعة بشكل كبير، حيث يتم مشاركة قصص نجاح لشباب يافعين، وكيف أنهم كونوا ثروة كبيرة خلال فترة صغيرة جدا، ويتم منح هؤلاء الضحايا الأوائل أرباح سريعة وبسيطة، خلال فترة صغيرة، حتى يتم إقناعهم بجدوى الربحية من المشاركة معهم، ويكون من السهل عليهم إقناع آخرين من خلال عرض أرباحهم وفترات العمل معهم.
يتم نشر فيديوهات ومواد دعائية تظهر شباب يافعين ، بسيارات فارهة أو بشقق مميزة أو فيلا ضخمة، يتحدث هؤلاء، عن التغير الذي طرأ على حياتهم خلال فترة صغيرة، وكيف أنهم تحولوا من شباب بائسين ، باحثين عن عمل، لأصحاب أملاك وأثرياء.
الخطوة قبل الأخيرة، هي توسعة الشبكة، يبدأ الشباب بدعوة أصدقائهم والمقربين منهم للانضمام لهذه الشركات، والمشاركة برأس مال بسيط، 600-1500 دولار، وشرح العائد لهم، ونسبة الأرباح التي حققها هؤلاء ( الضحايا الأوائل) رأس الهرم في المنطقة خلال فترة صغيرة، مع العلم أنه لا تتعدى نسبة الربح بأقصى حد 400% من رأس ماله المدفوع، ويتم دعوة الضحايا لدخول لقاءات ويبينار ( مؤتمرات إلكترونية) مع المدراء في الخارج، لإظهار حجم الأرباح وطريقة النجاح، بحيث يكون القائمين على الشركات، خبراء في علم النفس، ولديهم أسلوب إقناع مميزومبهر، ويبدأ الشباب بالاستدانة، أو بيع مصاغ زوجاتهم، أو بيع بعض الأصول لديهم، لتوفير هذه المبالغ والدخول بهذه الشركات، من أجل البدء بتحقيق الأرباح وتحقيق الثراء السريع الذي حلم به وتمناه بكل الأوقات.
الخطوة الأخيرة: يكون في كل دولة أو منطقة هدف بيعي، مرتبط بكمية الضحايا والمبلغ المراد تجميعه، عند وصول الشركة لهذه المبلغ يتم إغلاق كافة نوافذها ، والانسحاب من السوق، أو عند البدء بكشف أساليب نصبها، أو فضح أمرها، تقوم بشكل سريعاً بإغلاق كل النوافذ والانسحاب من السوق، ولا يستطيع الضحايا مقاضاة هذه الشركات، لعدم تواجدها بشكل رئيسي في بلدك، و لعدم وجود أدلة دامغة تثبت تورط الاسم التجاري الحقيقي للشركة بقضايا النصب، ويعتبر من دعاك ورؤوس الهرم في بلدك، ضحايا مثلك وليس شركاء بالنصب.
بعض أشكال وطرق عمل شركات التسويق الهرمي
في البداية تجتمع كل شركات التسويق الهرمي أو الشبكي بآلية إسقاط الضحايا، وهي من خلال تكوين هرم، تكون أنت رأس هرمك، وكل شخص يأتي من خلالك، سيكون أسفلك بالهرم، وتتقاضي نسبة عليه، وكل شخص أسفل منك بالهرم، يأتي بشركاء من خلاله، ستتقاضي أنت نسبة عليهم، وهذا الأسلوب من الأساليب المقنعة، والتي تظهر بالأرقام للضحية سهولة تحقيق الربح، وديمومة الربح بعد جهد في البداية، لتقوم بجني الثمار مستقبلاً دون جهد يذكر.
تقوم الشركات بمنح ضحاياها مزايا وهمية تفوق قيمة المشاركة الخاصة بهم، فمثلا وعلى سبيل الذكر لا الحصر، يتم منحك مجموعة من مواد التجميل أو الكريمات العلاجية، التي يكون سعرها عبر بعض المواقع ( شركات النصب هي من تغذي هذه المواقع بالباقة والسعر) أضعاف قيمة إشتراكك، فمثلا قيمة اشتراكك هو 800 دولار، يكون سعر الباقة 1800 دولار، وهكذا يتم اقناعك، أنه من السهل تحصيل ضعف قيمة اشتراكك فقط من خلال بيع هذه المنتجات، والتي عليها طلب عالي بالسوق ( طلبات وهمية يصنعها أصحاب الشركة)، وللأسف بعد استلام الباقة، والسقوط كضحية في هذه الشبكة، تكتشف أن هذه المنتجات لا تساوي أكثر من 30 دولار فقط، ويكون القطار قد فاتك.
ومن جهة أخرى تقوم بعض الشركات بمنحك بطاقات خصومات، أو بطاقات اشتراكات في بعض المواقع العالمية، ويتم إقناعك أن قيمة هذه البطاقات تتعدى ضعفي قيمة اشتراكك بالشبكة، ومن خلال بيعها فقط تستطيع استرداد رأس مالك وتحقيق ربح مضاعف، ناهيك عن الربح الثابت الذي ستحققه من خلال الهرم الخاص بك، ومن خلال أصدقائك، فتجد الضحايا يبذلون كل جهدهم من أجل إقناع ذويهم وأصدقائهم للانضمام إليهم في هذه الشركة، وبناء قاعدة ضحايا جدد دون علمهم، وبهذا الشكل وبناءً لمفهوم أن كل عملية بيع تحتاج لمنتج لبيعه، تكون أنت وأصدقائك المنتجات التي تبيعها هذه الشركات وليس المساحيق أو المواد التي يمنحوك إياها.
أشكال أخرى للنصب الإلكتروني على الجميع الحظر منها
هناك أيضا أشكال أخرى يتم الاحتيال والنصب على الشباب، غير التسويق الشبكي ( الهرمي) فمثلا نجد انتشار بعض مواقع الفوركس الوهمية بشكل كبير، وخاصة في البلدان النامية، فيتم إغراءك من خلال منحك أرباح بسيطة، دون مقابل، ثم يتم منحك أرباح على المبالغ الأولية التي تقوم بمشاركتها، حتى تحين الفرصة لهم، وتكون قد تكونت لديك قناعة حقيقية بأن هذا ربح حقيقي ولا يوجد نصب من خلاله، وتقوم باستثمار مبالغ كبيرة، فتكون حانت فرصة اقتناصك وسرقة كافة أموالك.
وهناك أشكال أخرى كالشركات التي تدّعي بيع الأسهم، والتي تبيعك أسهم في الشركة، مقابل ربح دائم وثابت ومضمون، يتم إرسال بريد ورسالة عبر البريد لكم، تتضمن ورقة أحقيتك بالأسهم في هذه الشركة، مع العلم أن هذه الشركات فعلاً يكون لها مقرات صغيرة، في البلدان المتواجدة بها ، وقنوات تواصل متاحة، ولكن كلها جديدة ومستحدثة من أجل تسهيل عملية الإقناع، وفي حال السؤال عنها تستطيع التيقن من حقيقة هذه الشركة، وهنا ننصحكم بعدم الانجرار وراء الربح السريع، والحظر من النصب والاحتيال، فشراء الأسهم يتم من خلال مواقع البورصة الرسمية، وتستطيع الشراء دون الرجوع للشركة، فقط من خلال دخولك لمواقع البورصة الرسمية، أو التواصل مع شركات تداول الأسهم المعتمدة من الدولة، والشراء من خلالهم، وغير ذلك يعتبر احتيال ونصب.
ويمكن التحدث أيضا عن شكل من أشكال النصب تحت مسمى المشاركة في التعدين على العملات الالكترونية، من خلال عملات إلكترونية جديدة وهمية وغير حقيقية، وشركات تعدين وهمية، مما تجرك للمساهمة المادية معهم أملاً بالربح، ويتم منحك بالبداية أرباح بسيطة، وعندما تستثمر أموالا كبيرة تكون قد وقعت بالفخ.
وأخيراً نؤكد أن أشكال النصب والاحتيال تتعدد وتختلف، وأينما وجد الفقر والحاجة والبطالة، كانت هي البيئة المناسبة لترعرع وتوسع هذه الشركات، لاستغلال حاجة الناس، واستغلال قضائهم فترات طويلة على وسائل التواصل الاجتماعي، فعلينا جميعا الحذر وعدم الانجرار وراء أوهام الربح السريع، والانسياق خلف هذه الأحلام الوردية الغير حقيقية، لنبكي بعد ذلك، أو نكون السبب في شقاء بعض الأصدقاء والمعارف.
ملاحظة: ليس بالضرورة أن تكون كل شركات الفوركس أو التعدين هي شركات نصب، فهناك العديد من الشركات الحقيقية والتي تقدم خدمات مختلفة، وهناك فرق كبيرة بين مصطلح التسويق الالكتروني والتسويق الشبكي، وأي تشابه بين شركات في المقالة وشركات موجودة، يأتي من محض الصدفة فقط.