بعد مناقشات ولقاءات بين الشيخ صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس واللواء جبريل رجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، أصدر الرئيس محمود عباس قرار بقانون لتعديل قانون الانتخابات بما يزيل كافة العقبات لمشاركة حماس والجهاد الإسلامي بالإضافة إلى إصداره مرسوماً رئاسياً يحدد فيه أيام الاقتراع، حيث حدد يوم 22/5/2021 للانتخابات التشريعية، والرئاسية بتاريخ 31/7/2021، على أن تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، على أن يتم استكمال المجلس الوطني في 31/8/2021 وفق النظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاهمات الوطنية، بحيث تجرى انتخابات المجلس الوطني حيثما أمكن.
الأسئلة الهامة في ظل التطورات الأخيرة هي: الانتخابات في القدس...؟ حركة الجهاد الإسلامي كحركة فاعلة وموقفها من الانتخابات...؟ القائمة المشتركة والرئيس التوافقي...؟ النتائج والتعاطي معها محلياً ودولياً...؟
ما هي السيناريوهات المحتملة لكافة ما سبق...؟
أولاً: الانتخابات والقدس.
لا انتخابات بدون القدس، ولا أعتقد أن السلطة مضطرة للحصول على إذن لإجراء الانتخابات في القدس فربما تسعى عبر وسطاء ولكن إعلان الرئيس للمراسيم يحمل في طياته رسالة تحدي متوافق عليها مع حركة حماس، وعليه فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً لملف القدس هو ما يلي: التعاطي مع القدس وفقاً لجغرافيا المكان،
1. المقدسيين داخل الجدار، وهي مناطق تخضع بالكامل للسيطرة الأمنية والمدنية للاحتلال وأفضل خيار للتعاطي مع هذا التحدي هو إجراء الانتخابات في وسط الأحياء المقدسية وتحت عدسات الكاميرات لفضح زيف الديمقراطية الإسرائيلية أمام العالم، وممكن أن يتم التصويت خارج الجدار أي الأحياء التي تتبع محافظة القدس ولكن السيطرة الأمنية محدودة.
2. المقدسيين خارج الجدار، عددهم ما يقارب 150000 نسمة والتواجد الأمني الصهيوني يكاد يكون موجوداً، وهو ما يسمح لإجراء الانتخابات في هذه المناطق مثل كفر عقب، بالإضافة إلى العديد من التجمعات السكانية التي تتبع محافظة القدس فلسطينياً، ولكنها من وجهة النظر الصهيونية هي خاضعة للسلطة الفلسطينية ويبلغ تعدادها ما يقارب 28 تجمعاً سكانياً مثل أبو ديس والعيزرية وبير نبالا الخ...
ثانياً: الجهاد الإسلامي والمراسيم الانتخابية.
حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين من الحركات التي تلقى احتراماً كبيراً بين أوساط الشعب الفلسطيني، ونجحت مؤخراً في بناء شعبية جماهيرية ينظر لها بعين الاعتبار كتيار ثالث قوي ومؤثر، ولأنني ممن يرغبون رؤية الجهاد الإسلامي في مركز صناعة القرار وتحمل المسؤولية مع باقي الحركة الوطنية بحجمها الحقيقي توقفت عند إحدى المعضلات التي تؤثر على حجم تمثيل الحركة في المجلس الوطني وهو ما دفعني للبحث العميق في هذه المعضلة إلى حين وصلت للإجابة من مصدر قيادي رفيع، حيث أفادني بأنه يوجد تفاهم بين حماس والجهاد الإسلامي بأنه في حال وافقت فتح على تبني الفقرة التالية " يعتبر المجلس الوطني والمؤسسات المنبثقة عنه مرجعية الشعب الفلسطيني وكل مؤسسات بما فيها السلطة الفلسطينية". فإن الحركة ستدرس المشاركة في الانتخابات التشريعية، وهو ما حصل حيث أرسلت حركة فتح برسالة رسمية لحركة حماس تتضمن الفقرة التالية والأيام القادمة ستشهد حوار بين الحركتين لحسم موقف الجهاد الإسلامي من المشاركة في الانتخابات التشريعية.
أتمنى أن يكون ذلك صحيحاً وترى تياراً عريضاً يمثل المقاومة الفلسطينية تحت قبة البرلمان، وفي المجلس الوطني.
ثالثاً: القائمة المشتركة والرئيس التوافقي.
ثمة احتمال ببقاء القائمة المشتركة بين فتح وحماس وأحزاب أخرى خياراً مطروحاً على أن يتم تهيئة المناخات لذلك وأهم استحقاقات هذا السيناريو هو إنهاء تداعيات الانقسام، ورفع العقوبات، ووقف الاعتقالات، وإطلاق الحريات، وبناء جدار الثقة بين الحركتين، في تقديري فإن لو حصل ذلك فإن هذا السيناريو يتعزز يوماً بعد يوم حتى يراه المواطن حقيقة، ويتجاوز حالة الاستقطاب والتشكيك بنتائج الانتخابات واجراءات تنفيذها.
وهو ما ينطبق على الرئيس التوافقي، حتى لو كان هذا الرئيس محمود عباس، وعليه فإن الشهور الثلاثة القادمة سنرى العديد من الخطوات التي تؤكد أو تنفي هذا التوجه كونه غير ملزم، ولكنه مطروح بقوة على الطاولة.
رابعاً: نتائج الانتخابات والتعاطي معها محلياً ودولياً.
الذاكرة محفورة بالآلام الناتجة عن شروط الرباعية التي تسبب رفضها من قبل حركة حماس لحصار مشدد ما زال قائماً حتى يومنا، وهنا يطرح الجميع سؤالاً حول المستقبل، فهل ما زالت شروط الرباعية قائمة...؟ كيف سيتعامل العالم مع نتائج الانتخابات...؟
في تقديري أن العالم تغير، وأن حركة حماس لو أحسنت التصرف في إدارة العملية الانتخابية ستسهل على العالم استدراك الخطيئة السياسية التي ارتكبها عبر الانقلاب على التجربة الديمقراطية وعلى خيار الشعب الفلسطيني، وسيدفع العالم للاعتراف بالنتائج، حتى لو فازت قائمة حماس لو نزلت منفردة، ولكن لو ذهبت حماس باتجاه القائمة المشتركة وتم تحديد شخصيات مستقلة غير انتهازية تتبنى مشروع المقاومة ومقبولة محلياً وسهل ترويجها دولياً، فهذا من شأنه إحداث اختراق كبير في حائط المجتمع الدولي، وبذلك تبدأ أولى خطوات كسر الحصار والعمل على رفع حماس من قوائم الارهاب، لأن العالم سيكون أمام تحدي للتعامل مع حركة ممثلة في المجلسين التشريعي والوطني.