كتب المحامي يزيد مخلوف نائب نقيب المحامين الفلسطينيين مقالا موجها إلى رئيس الوزراء الفلسطيني د.محمد شتية حمل عنوانرشالة مفتوحة لرئيس الوزراء " لا تضعو العربة امام الحصان" تعقيبا على رده اثناء مقابلة تلفزيونية يوم امس بما يخص الفعاليات الاحتجاجية لنقابة المحامين والتي تدخل يومها الرابع تنديدا بالتعديلات التي صدرت بقرار بقانون والتي مست السلطة القضائية .
وجاء في مقال مخلوف "استمعت ملياً لحديث دولة رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتيه المحترم في معرض تعليقه على احتجاجات نقابة المحامين ومؤسسات المجتمع المدني وذوي الاختصاص من القانونيين على القرارات بقانون الأخيرة والتي مسّت بالسلطة القضائية، وما أثار دهشتي وإستغرابي هو تبسيط الأمور كأننا نتحدث عن قانون فرعي أو مسألة هامشيه لن تقدم أو تأخر في ميزان العدالة القويم بالرغم من صرخات نقابة المحامين والمحتجين من أصحاب الإختصاص وأهل الخبرة والقانونيين .
كنت أتمنى ألاّ تفهم تصريحاتكم الأخيرة بأنكم تضعون العربة أمام الحصان، فلو تلمّستم دواعي صرخات المحاميين و آهات المحتجين القانونيين والمثقفين واستمعتم لوجهة نظرهم القانونية لما أصدرتم حكماً غيابياً على جموع الغاضبين، ولكننا على علمٍ يقين بأن الحكومة الفلسطينيه لم تستشر أيضا بهذه القرارات بقانون، مثلها مثل جموع المغيّبين ، مما يجعلها في مركز واحد مع نقابة المحامين الفلسطنيين ومؤسسات المجتمع المدني وغيرهم من ذوي العلاقة وأصحاب الاختصاص في هذا المضمار .
وأضاف نائب نقيب المحامين "اسمح لي بدايةً يا دولة الرئيس ودون الدخول في تفاصيل الأمور القانونيه والمخالفات الدستوريه الجسيمه لهذة القرارات بقانون من حيث عدم جواز تعديل قانون السلطة القضائيه بقرار بقانون باعتباره قانون سياديّ و/أو عدم توفر حالة الضرورة ومدى مساسها باستقلال السلطة القاضيه والإجهاز على مبدأ الفصل ما بين السلطات وإخلالها الواضح بمبادئ القانون الراسخه من حيث حصانة القاضي الفرد واخلالها الصريح بمبدأ المساواه وتكافئ الفرص بالتعيين وسحب الصلاحيات من النائب العام والمحكمة الدستوريه ووزارة العدل وآلية تعين رئيس السلطة القضائية وقضاة المحكمة الادارية العليا، بأن أوضح لدولتكم جزئيةً بسيطة ، وهي في خطورة إنفاذ هذه القرارات بقانون لحين عرضها على المجلس التشريعي الموعود، إما أن يقرّها أو يلغيها .
وقدم مقال مخلوف مخاطر انفاذ القرارات بقانون على السلطة القضائية لحين انتظار اقرارها من المجلس التشريع بما هو آت :-
أولاً :- إن في إنفاذ هذه القرارات بقانون لحين عرضها على المجلس التشريعي سيترتب عليه نشوء مراكز قانونية جديده وإلغاء مراكز قانونية قائمة، فتعين رئيس ومجلس قضاء أعلى جديد وتعينه لقضاة جدد وطرده لقضاة آخرون أو إحالتهم على التقاعد المبكر وإستحداث محاكم جديده وإلغاء محاكم قائمة وتغيرٍ جوهري في إختصاصاتها وتعيين قضاتها ومعالجة الأحكام الصادرة عنها وآلية الطعن فيها من حيث قيمتها ونوعها ومكانها .....الخ هو الخطر بعينه .
فما هو مصير هذه المراكز القانونية المستحدثة فيما لو لم يتم إقرار هذه القرارات بقانون أو تم إلغاؤها من المجلس التشريعي الجديد في جلسته الأولى ؟!
بكل تأكيد سنكون أمام مجازفة قانونية كبيره لا تحمد عقباها ، وهذا سيخلط الحابل بالنابل وسيضعنا جمعياً في مأزقٍ قانوني وتشريعي كبير لن نخرج منه إلا بمذبحة قانونية جديده، لن تبقِ ولا تذر وسندخل في فوضى تشريعية عارمة واختناقٍ إضافي للقضايا وإطالة أمد التقاضي ستجهز على مكتسبات السلطة القضائية وإستقرارها ، وسنحتاج لسنوات وسنوات من الإصلاح والترميم للتخفيف من هذه الآثار الكارثية التي وقعنا بها و سيشكل هذا عبئاً قانونياً ومالياً كبيراً على حكومتنا الفلسطينيه، كان بالإمكان تداركها لو كانوا يعقلون .
ثانياً :- الأصل أن يترك أمر تعديل قانون السلطة القضائية - إن لزم - للمجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب صاحب الصلاحية والاختصاص وخصوصاً بأننا متجهون لإنتخابات تشريعية بعد أشهر قليله وقد صدرت بذلك المراسيم القانونية اللازمه عن سيادة الرئيس ، فلماذا توضع العراقيل أمام هذا المجلس الموعود ؟ وهل فعلاً لا نستطيع الانتظار برهة من الزمن لإعطاء السلطة التشريعيه حقها الدستوري بممارسة دورها الطبيعي بإصدار القوانين، ونتجاوز بذلك مخاطراً كبيرة - كما أوضحتها سابقاً - وخصوصا أننا لسنا في ظرفٍ طارئ لا يحتمل التأخير لإقرار مثل هذه القرارات بقانون ؟ إني أحار بذلك !
ثالثاً:- سيتحمل المجلس التشريعي الجديد حملاً مرهقاً أجزم بأنه لن يستطيع مناقشة هذه القرارات بقانون لحالة الغياب الطويل وللكم الهائل من القضايا المصيريه والقرارات بقانون - والتي يزيد عددها عن ثلاثمائة قرار بقانون- وحالة التشرذم والانقسام البغيض الذي عانى منه هذا الشعب المسكين فقد يحتاج هذا المجلس الحديث العديد العديد من الجلسات لمناقشتها، وفي حال لم يقم المجلس التشريعي بإلغائها في جلسته الاولى ستكون نافذه بحكم الدستور مما يعني أنها ستفرض بالأمر الواقع ، لا لأنها مطابقة للقانون ولكن لضيق الوقت اللعين .
رابعا :- ماذا لو لم تجر الانتخابات التشريعيه -لا قدّر الله - ؟
سنكون أمام قرارات بقانون نافذه إلى ما شاء الله، فصلت على مقاسات الأشخاص و أجهزت على ما تبقى من إستقلال للقضاء ودمّرت مبدأ الفصل ما بين السلطات وأنهت آمالنا بأن ننعم جميعاً بقضاء مستقل وقوي وبدولة ديمقراطية تقوم على مبدأ الحكم الرشيد .
وختم مقال نائب نقيب المحامين :أطالبكم بتصحيح المسار والضغط لإلغاء أو/و تجميد هذه القرارات بقانون فوراً لحين تعديل بعض نصوص قانون السلطة القضائية من الجهة صاحبة الصلاحيه الدستوريه - إذا لزم الأمر - والعودة لتطبيق قانون السلطة القضائية رقم (١) لسنة ٢٠٠٢ والصادر عن المجلس التشريعي الفلسطيني بشكل سليم والذي يشهد له بأنه من أفضل القوانين في محيطنا العربي لو طبقت نصوصه بشكلٍ سليم وأمين ، وبذات الوقت دعم القضاء الفلسطيني بكافة الإمك