هل كان على نقابة المحامين ان تلتزم الصمت وتقف موقف المتفرج حتى تنال الرضى والثناء؟ إذا لماذا كلفها القانون بالحفاظ على سيادة القانون واستقلال السلطة القضائية.
وانطلاقا من هذا الفهم ولفقدان كل ادوات الرقابة كنتيجة لحالة الانقسام و تعطل المجلس التشريعي الامر الذي حمل نقابة المحامين عبء كبير في الرقابة على التشريعات والتي اخذت منها موقفا واضحا رافضا لسياسة التشريع الاستثنائي سندا لنص المادة (43) من القانون السياسي والتي منحت الرئيس حق اصدار التشريعات في غياب المجلس التشريعي وقيدت ذلك بحالة الضرورة.
ومضى بنا الزمن واصدرت مئات القرارات بقانون وكان اخرها ما صدر عن سيادة الرئيس من قرارات بقانون تمس السلطة القضائية وهي القرارات ذوات الارقام (39+40+41) لسنة 2020 هذه القرارات التي رفضتها نقابة المحامين وطالبت بإلغائها انطلاقا من التالي:
لان تلك القوانين مست وبشكل مباشر بمبدأ الفصل بين السلطات وهو المبدأ الاساسي الذي يقوم عليه النظام السياسي الفلسطيني حيث أحالت لرئيس السلطة التنفيذية تعيين رئيس السلطة القضائية مما يشكل انتهاكا للقانون الاساسي وفرض هيمنة كاملة للسلطة التنفيذية على السلطة القضائية لما لرئيس هذه الاخير من صلاحيات واسعة في ادارة الشأن القضائي.
لأنها ايضا قضت على حصانة القاضي ومناعته هذه الحصانة التي كفلها القانون للقاضي كضمانة اساسية لحقوق المتقاضين ولم تمنح هذه الحصانة لشخص القاضي كقاضي وانما حماية له من التدخل والضغوط التي من شأنها التأثير في قراره الامر الذي يمس بشكل مباشر حقوق المواطنين وحرياتهم.
كيف يمكن لقاض معين تحت التجربة لمدة ثلاث سنوات مهددا خلالها بالعزل أن يكون نزيها مستقلا
كيف يمكن لقضاة الصلح والذين هم قضاة التوقيف واخلاء السبيل والذين سيمضون كامل فترة وجودهم في محاكم الصلح تحت التجربة أن يستقل قرارهم وأن يصونوا حريات المواطنين وحقوقهم الاساسية.
كيف ذهبت هذه القانون الى حرمان كل ذوي الاحتياجات الخاصة من حق التعيين في سلك القضاء من خلال اشتراط اللياقة الصحية ضاربة عرض الحائط القانون الاساسي الذي يساوي بين الفلسطينيين في تقلد الوظائف العامة وكذلك تجاوزت القانون رقم (4) لسنة 1999بشأن حقوق المعاقين والذي خصص ما نسبته 5 % من الموظفين في المؤسسات العامة من ذوي الاعاقة كون الشعب الفلسطيني ونتيجة لجرائم الاحتلال من أكثر شعوب العالم بعدد المعاقين.
كيف يمكن لقاض أن يستقل قراره وهو مهدد بأي لحظة بإحالته للتقاعد المبكر أو الاستيداع أو العزل دون اسباب من خلال ما يسمى بلجنة الصلاحية والتي لم تحدد اختصاصاتها بشكل واضح كما لم يحدد أعضائها بشكل واضح أيضا.
كيف يمكن لقاض وهو مهدد بالإحالة لمجلس تأديب يسميه رئيس المجلس ولأسباب تافهة قد يعزل لأجلها أن يكون مستقال نزيها.
وكيف يمكن للمواطنين الاطمئنان لقانون أحال جنايات جسيمة لقاض فرد حديث التجربة معرضا بذلك للخطر ضمانات المحاكمة العادلة.
وكيف يمكن لمواطن أن ينشد الحق والعدل من قاض بهذه المواصفات وكيف يمكن لنا جميعا أن نثق بقضاء تنظمه مثل هذه القوانين.
لهذه الاسباب وغيرها الكثير ترفض نقابة المحامين مثل هذه القرارات بقانون وما أدل على صحة هذا الموقف هو الصمت المريب للسواد الأعظم من القضاة الذين مست هذه القرارات حقوقهم وضماناتهم وحصانتهم وأمانهم الوظيفي إذ كيف لقاض لم يستطع أن ينتصر لنفسه أن ينتصر للمظلوم.