من المرجح، وبعد غياب طويل للحالة السياسية الديمقراطية في فلسطين أن يطل علينا طرفي الانقسام في شطري الوطن بقائمة مشتركة للانتخابات التشريعية القادمة، وهو الأمر الذي كان يحسبه الجميع خيال ومستحيل ، ولكنه وعلى ما يبدو بدأت ارهاصته تتحقق يوماً بعد يوم، بالتزامن مع استقبال لجنة الانتخابات المركزية لقوائم الفصائل والمستقلين الانتخابية من المرشحين.
وإن رجح الوصول لقائمة انتخابية مشتركة بين حركتي فتح وحماس ، فإنه لن يكون بالأمر الهين واليسير على ارساء معالم الديمقراطية الحقيقية على ضفاف الحالة السياسية العطشى لحرية الرأي والفكر، وتبني المواقف الداعمة والمنحازة للخروج من عنق الزجاجة ، بسبب الانقسام وتراكماته وأزماته، التي مازالت تلقي بظلالها على كافة مكونات الواقع الفلسطيني.
نموذج القائمة الانتخابية المشتركة في واقعنا الفلسطيني يعتبر ضرب من الخيال وخارج حدود التصور العقل والمنطق بسبب اختلاف الأيدولوجيات من جهة ، وعدم التوافق ضمن أي برامج سياسية من جهة أخرى، فلا توجد قواسم مشتركة نظراً للافتقار لفكرة الوحدة الحقيقية التي تقوم على وحدة الهدف والمصير المشترك.
القائمة الانتخابية المشتركة وإن صحت الأقاويل ، فإنها الهروب من وجه الأزمات والنكبات إلى زيف الديمقراطية المعطلة منذ سنوات ، ويعود حينها الحصاد إلا الانغلاق التام على الذات الفلسطينية وتراجع الحالة الوطنية ، التي لن تستطع حينها النهوض والبناء والاستمرار ضمن أسس تكفل الحماية الشرعية للمواطن والأحزاب والمؤسسات والدساتير والقوانين.
الواقع الفلسطيني بحاجة في الأساس، وقبل اعلان الشراكة الانتخابية بين فتح وحماس إلى مقومات هامة وعديدة تحظى بقبول الناخب وعامة الناس ، التي منها الوحدة وبناء نظام سياسي فاعل وجديد عبر المشاركة الجماعية، يكون قادر على وضع النقاط الوطنية فوق الحروف السياسية من أجل وحدة الموقف والهدف بشكل دائم، وليس وفق منظور حالة استثنائية موسمية تنتهي وتعود الأمور لسابق عهدها، ويبقى الواقع رهينة لمعادلة تجارية عنوانها العرض والطلب ، وميزان السياسة القائم على رطل وأوقية.
يبقى الموقف في حال خوض الانتخابات التشريعية بقائمة مشتركة بين طرفي الانقسام، عنوانه الهروب من تحديد المواقف والاستراتيجيات بلغة وطنية قائمة على فتح المجال لأبواب الحرية والديمقراطية والحياة الكريمة التي يتطلع لها شعبنا لكي تصل به للحرية واقامة الدولة الفلسطينية ، ولهذا تبقى القائمة المشتركة في دائرة المخاض العسير غير القادرة على إحداث ايجابية التأثير والتغيير.