اتضحت الصورة أكثر التي كانت متوقعة مسبقاً من إجتماعات المجلس الثوري لحركة فتح في دورته الثامنة، وظهرت دلالاتها من الجلسة الافتتاحية من خلال الكلمة التي ألقاها الرئيس محمود عباس ودعوته مجددا لاستئناف الحوارات واللقاءات مع الفصائل.
مخرجات اجتماعات المجلس الثوري التي انبثقت عن اول يوم من انعقاده كانت تهدف إلى عودة الحوارات الفلسطينية من جديد شكليا لا غير ، بهدف استدراج الفصائل والاحزاب لحالة التجديد - تجديد شرعية الرئيس أمام المجتمع الفلسطيني من جهة ،وامام المجتمع العربي والإقليمي وكذلك الدولي من جهة أخرى ، نظرا لوجود عدة قضايا وملفات تحتاج لشرعية من أجل المضي قدماً بها واستئنافها ، والتي على رأسها ملف الاعمار بعد جولة الحرب الأخيرة على غزة ، وكذلك المضي في الأمل الذي يجتاحه الضباب المبني على سراب في عودة المباحثات والمفاوضات مع دولة الاحتلال، ضمن قبول وموافقة مجانية من السلطة غير مبنية على أسس واضحة سياسية ووطنية يجمع عليها الكل الفلسطيني، في ظل الإنقسام وانعدام الأفق وانتهاكات الاحتلال المتواصلة على شعبنا.
المخرجات الفلسطينية العامة التي انبثقت عن اجتماع المجلس الثوري في يومه الأول مخرجات تقليدية متكررة لا تقوى على فتح آفاق جديدة من الممكن أن توحد تجاه بوصلة الهدف الفلسطيني ، نظرا لمعطيات وتجارب سابقة منها اجتماع الامناء العامون للفصائل في بيروت ، وما نتج عنه من مدخلات ومخرجات، التي كانت كلها مضيعة للوقت واستنزاف دون جدوى أو فائدة تذكر في النهايات ، وكان المطلوب ومازال من هكذا اجتماعات تجديد الشرعيات المنتهية الصلاحيات، دون وضع خطوات عملية واقعية تكون ملموسة يحتاجها الوطن والمواطن، التي على رأسها إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية ، والتقدم في خطوة للأمام تضمن الاستمرار و الاستقرار والأمان في الوصول إلى مناخ سياسي يهدف للتطلع لبناء نظام سياسي جديد يكون قادر على الإنجازات، من خلال الشروع في إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية ،التي تم تأجيلها بل تعطيلها من نفس صاحب القرار الذي أصدر المرسوم الرئاسي لإجرائها.
أما عن المخرجات التي تتعلق بالشؤون التنظيمية الداخلية لحركة فتح ، فقد جاءت قرارت المجلس الثوري في يومه الأول متوقعة مسبقاً في إقصاء وفصل الذين رشحوا أنفسهم من أعضاء المجلس الثوري في قائمة " الحرية" الانتخابية التي ترأسها ناصر القدوة ودعمها الأسير المناضل مروان البرغوثي ، والذي طال الفصل والاقصاء زوجته " فدوى" وجمال حويل وفخري البرغوثي.
ضمن ما سبق ذكره من شواهد ومعطيات لمخرجات المجلس الثوري لحركة فتح ، سواء كانت فلسطينية عامة أو تنظيمية داخلية ، فكان الهدف ( التمرير والتبرير ) ، تمرير الرئيس لموضوع عودة الحوارات مع الفصائل والاحزاب بهدف كسب تجديد غطاء الشرعية شكليا بموافقة فصائلية من جديد، وهذا باطن خطاب الرئيس في مستهل جلسة المجلس الثوري من جهة، وأما عن الهدف الآخر وهو التبرير ، الذي جاء من خلال فصل واقصاء أعضاء المجلس الثوري الذين رشحوا أنفسهم في قائمة "الحرية الانتخابية" وهذا النهج المتبع ضمن سياسة الاستقواء والتفرد في القرار لكل من يخالفه الرأي من جموع الفتحاويين.
سياسة التمرير والتبرير تضاف لسياسة الفصل والاقصاء والتهميش والتغييب والاستهتار والاستعلاء والاحتواء والاستقواء ، من أجل التمسك بشرعية منتهية الصلاحية ، تفرض نفسها واستمرارها دون قانون أو دستور أو وجه حق ، في إطار شواهد وادلة عديدة ، منها بقاء الانقسام والفشل المتعمد في عدم استعادة الوحدة الوطنية ، وانعدام الأفق السياسي العام في اتخاذ خطوة جريئة في تجديد الشرعيات، من خلال إجراءات الانتخابات ، حتى تكون قاعدة أساسية لبناء نظام سياسي فلسطيني جديد ، يكون قادر على السير نحو فجر الحرية والاستقلال ، ويكون قادر على ضمان الحياة الإنسانية الكريمة للمواطنين.