مات الكلام في ظل الغياب الحقيقي للإنسان ، مات الكلام في عنفوان الحياة المترامية الأطراف ، المتراكمة عبئاً على الأكتاف ، مات الكلام في ظل الصمت العاجز عن الصراخ والهتاف ، مات الكلام في زحام الأيام القاتل للآمال والأحلام ، مات الكلام في ظل انفصام النفس عن ذاتها دون أمل بالعودة للالتئام والوئام، مات الكلام في ظل الكلام ،حين نادى الانسان وقال بصوت شاحب ناحب على الدنيا السلام ...
موت الكلام هو المرادف لموت الانسان، لأن فقدان الشعور بالانتماء للإنسان بذاته الأمر الجلل الذي لا يستهان ، الذي يؤدي ذلك الاحساس إلى فقدان الانتماء بالحياة والثقة بمستقبلها ، بسبب مأساة فصولها ومرارة واقعها وحاضرها ، الذي لا يبشر بحياة أفضل تجعل من الانسان قادراً على التكيف بالمحيط وكل ما يحيط ، من أجل اطلاق بصيص الأمل نحو الحياة والعمل، العمل الذي مضمونه ومحتواه الانتماء الحقيقي بكافة التفاصيل للحياة.
موت الكلام هو اعجاز اللغة المعتقة بحالة الصمت الرهيب ذات الرتابة والعجز الرهيب ، الذي لا يتقدم خطوة واحدة للأمام من أجل الاقتراب من البعيد ، ويبقى الانسان محاصراً يدور في فلك الزمان والمكان منتظراً بصبر الأنبياء وروح الفقهاء ولغة العارفين الحكماء ، التقدم في عجلة مسير رحى الأيام ، على أمل احتضان الحياة بشوقها وحلوها من أجل استقرار النفس مع النفس ومع المحيط بكل أمان وفرح وسلام.
مات الكلام ... ! ولعل الايام القادمة تسعف الواقع نشوراً على طريق الغد الأكثر إيماناً بمعنى الحياة أملاً و حضوراً ، لكي يحتضن الانسان الأرض الحبلى بالربيع بذوراً ، لتعيد الكلام للحياة بعد الموت الذي أصابه ودهاه ، ليغرد الكلام لحن الحياة في رحاب الفضاء وعلاه ، ليحقق مبتغاه ومنتهاه.