انتخابات المحليات التي جرت في الشق الآخر من الوطن بالضفة الغربية توأم الروح لشقيقتها قطاع غزة، تفرض علينا العديد من التساؤلات، التي لا بد أن تكن محط أنظار المهتمين والمعنيين بالواقع السياسي الفلسطيني بأكمله.
انتخابات المرحلة الثانية من المحليات ذات الطابع المتجزأ والمنقوص لعدم اجرائها في باقي أجزاء الوطن بشقيه تعكس واقع وحقيقة الانقسام السياسي الفلسطيني الذي طال أمده وسنوات عمره، الذي انعكس سلبًا على شخصية وقناعات الناخب بالضفة الغربية وعزوفه الملحوظ بعدم المشاركة في العملية الانتخابية، التي لا بد بالأصل أن تكن الانتخابات عنوان لروح الحياة الديمقراطية المتجددة دومًا نحو التطلع لكل ما هو ايجابي في الحياة الفلسطينية بشكل عام.
فقدان الثقة المتبادل بين المواطن والحالة الديمقراطية المصطنعة من جهات تتطلع لتنفيذ أجنداتها الخاصة فقط ينعكس بالسلب على علاقة انتماء المواطن ورؤيته
بالانتخابات ذات الطابع المؤسساتي الرسمي، التي من بينها البلديات كنموذج واقعي تم تطبيقه بالضفة الغربية ، وللأسف كان قاب قوسين أو أدنى من الفشل لعدم وجود نظام سياسي سليم يحكم العلاقة بين كافة المكونات الفلسطينية ،وبين الجمهور المتطلع لانتخابات ديمقراطية في اطار بيئية سياسية صحية تجمع ولا تفرق.
عزوف الناخب الفلسطيني ومقاطعته انتخابات المحليات في ضفتنا الغربية جاء نتيجة طبيعية لعدم قناعات المواطن في جدوى انجاز انتخابات تحت مسمى تفعيل الديمقراطيات واطلاق العنان للحريات في ظل تأجيل متعمد ومسبق للانتخابات الرئاسية والتشريعية بعد صدور قرار رئاسي في اجراء تلك الانتخابات ، وفي ليلة وضحاها ودون أسباب ومبررات موضوعية تم إلغائها من صاحب الشأن والقرار.
الانتخابات وتفعيل الحياة الديمقراطية الحقيقية ذات الشكل والمضمون المتعطلة منذ سنوات طوال ، وبناء نظام سياسي جديد يقوم على الايجابية وتعزيز قدرات الصمود والنهوض بالواقع الفلسطيني برمته ، وشمول الحالة الانتخابية الديمقراطية في شقي الوطن بأكمله يجب أن تكون الهدف والمضمون ، من أجل احداث التأثيرات والتغييرات التي يتطلع لها جموع المواطنين، وهذا من خلال الاجتهاد الحقيقي في تطبيق صدق النوايا من طرفي الانقسام والنزاع بضرورة انهاء الانقسام واستعادة اللحمة الوطنية والوحدة الفلسطينية بكافة تفاصيلها الدقيقة، حتى نستطيع استعادة الثقة بين المواطن والتجربة الديمقراطية الغائبة في كافة أجزاء الوطن المسلوب، والنهوض بالكرامة الانسانية للمواطن من خلال ديمقراطية فعلية وحريات حقيقية، ضمن بناء نظام سياسي قادر على تعزيز روح الانتماء والمشاركة والتفاعل لضمان قوة الانجاز وسيرورة العطاء.