لماذا لم ينجز المشروع الوطني الفلسطيني أهدافه؟.. سؤال يجول في خاطر كل مؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، وقبل الشروع في الإجابة لابد من تعريف ما هو المشروع الوطني الفلسطيني؟.
المشروع الوطني الفلسطيني هو التحرير ثم العودة إلى فلسطين بحدودها التاريخية، وممارسة حق تقرير المصير على أرض فلسطين.
ونعود إلى السؤال المركزي في هذا المقال، لماذا لم تتحرر فلسطين حتى الآن، في المقابل نجح الكثير من مشاريع التحرر في العالم، نجح الجزائريون، والفيتناميون والهنود، والسود في جنوب إفريقيا، بينما لم ينجح الفلسطينيون.
هل استخدم الثوار في العالم أدوات وأساليب لم يستخدمها الفلسطينيون في ثورتهم؟.. بالتأكيد لا، الثورة الفلسطينية لم تترك أداة نضالية إلا وعملت على استخدامها، إذاً، ماذا حصل في ثورتي الجزائر وفيتنام على سبيل المثال لا الحصر؟.
اللافت في الثورة الجزائرية مسألتان: الأولى وحدة الأحزاب وحركات التحرر الجزائرية في جبهة التحرير الوطني (FLN). الثاني: جزء كبير من تمويل الثورة كان من الجزائريين في الشتات.
اللافت في الثورة الفيتنامية صلابة الموقف السياسي الفيتنامي في التفاوض الذي انطلق من محدد أي تسوية سياسية تبدأ من الانسحاب الأجنبي من فيتنام، واجراء انتخابات لتوحيد الفيتناميين الى دولة واحدة، وجرت المفاوضات دون توقف القتال، ورفض المفاوض الفيتنامي الإقامة في فنادق باريس الفاخرة حتى لا يفتنوا بالمال ويبيعوا دماء شهدائهم.
إن من أهم عوامل نجاح الثورات في عالمنا المعاصر ثلاثة:
اختلاف المستعمر ففي جميع الثورات التي تخلصت من الاحتلال كان المستعمر هو جيش للدولة المستعمرة، بينما في فلسطين نشأ كيان استيطاني (كولونيالي) عبر هجرات متتالية من الغرب إلى فلسطين ليشكل شعباً وأرضاً وسيادة على أنقاض الشعب العربي الفلسطيني.
وحدة المكونات والأحزاب والجماعات خلف قيادة مؤمنة ومؤتمنة على تحقيق الاستقلال الوطني، وتبني استراتيجية تحرر لا يوقفها اغراءات سياسية ولا تدخلات خارجية، ولا تؤثر عليها جماعات المصالح.
المقاومة بكل أشكالها صالحة للتخلص من الاستعمار، ولكن التجارب تقول إن انخراط قيادة المقاومة في العمل السياسي وتقديمها التضحيات مدخل هام لإقناع الشعوب بالتضحية والالتزام بقرارات القيادة.
السؤال: هل ما سبق ينطبق على الثورة الفلسطينية؟
بالتأكيد لا، لا يوجد استراتيجية يجتمع عليها الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال الصهيوني، ولا يوجد توافق على شكل من أشكال النضال الوطني، ولا يوجد وحدة فهم على المفهوم والمصطلح، هناك خلاف على تعريف المشروع الوطني داخل التنظيم الواحد، وهناك اختلاف على مفهوم المقاومة الشعبية، وهناك جماعات مصالح تنظر للمشروع الوطني بأنه مشروع اقتصادي بنكهة وطنية، وهناك بيئة إقليمية ودولية غير داعمة للشعب الفلسطيني ونضاله، وشتات فلسطيني غير مستثمر لعدم وجود إطار مرجعي يجمع شتاتنا ويستثمر عناصر القوة، ولكن هذا الإطار المرجعي (منظمة التحرير الفلسطينية) في ظل هيمنة طرف سياسي بعينه لم تعد قادرة أن تلعب مثل هذا الدور، والأهم من ذلك نجاح الاحتلال في أرهبة المقاومة لدى أطراف دولية وإقليمية، ما منح إسرائيل مساحة وقوة للتحرك لمواجهة المشروع الوطني ودفعه نحو التراجع.
كل ما سبق انعكس سلباً على رأس المال الاجتماعي (الإنسان الفلسطيني) حتى بات المطلوب وطنياً ما يلي:
ضرورة تأخير فكرة الدولة لصالح تعزيز فكرة التماسك الاجتماعي والنهوض برأس المال الاجتماعي، ومعالجة الآثار السلبية المترتبة على إقامة سلطة تحت الاحتلال والانقسام.
التوافق على استراتيجية وطنية تنطلق من تقييم وتقويم تجربة النضال الوطني الفلسطيني، وتستنهض المشروع الوطني من جديد، عبر توظيف كافة أشكال المقاومة وفقاً لمقتضيات المصلحة الوطنية التي تحددها تلك الاستراتيجية.
البحث الجاد خلف الجهة الفلسطينية التي تعطل بقصد أو بدون قصد فكرة ملاحقة الاحتلال في المحافل والمحاكم الدولية.
منظمة التحرير الفلسطينية بعد اصلاحها بما يعزز فكرة وحدانية تمثيلها تصلح لتكون إطاراً وطنيا جامعاً لقيادة المشروع الوطني نحو التحرر والانعتاق من الاحتلال.
أفضل وصفة للقضاء على جماعات المصالح الذهاب للانتخابات الشاملة.