الكثير من الإشاعات والقليل من المعلومات, ما هو متوفر خلال الأيام الأخيرة لدى الجمهور، لكن خلال اليومين الأخيرين توجهت الفصائل نحو تقديم بيانات ومواقف تفصح فيها عن مواقفها، وفي مقدمتهم حركة حماس التي بادرت إلى لقاء خاص لنخبة من الكتاب والمحللين مع رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار، وهو اللقاء الرابع الذي حضرته خلال العام الماضي، الذي يبدو فيه السنوار قد ذهب نحو ملامسة الواقع الذي قال إنه اندفع نحو المصالحة رغم كل الانتقادات التي وجهت له، بسبب المواقف السلبية السابقة للسلطة، وقد اعترف أنها أفشلته في ذلك، لكن ما زال متمسكا بها إلى أبعد مدى, لكنه أقل تفاؤلا من الماضي، وهو غير نادم على ما قدم.

لقاء السنوار ترجم جزءا مهما منه نائبه الدكتور خليل الحية وختمه برسالة أخيرة لعباس فسر مضمونه السنوار في لقائه، ومختصرها أن الفصائل لن تنتظر عباس كثيرًا كي يرفع العقوبات أو القيام بدوره نحو القضية الفلسطينية.

السنوار والحية كانا واضحين بتقديم رسالة حماس التي بلورتها لقاءات خاصة تعقدها مع الفصائل بغزة, والإعلان عن النقاط المتفق عليها، يمكن اختصارها وبلورتها, مما أسهب به السنوار على مدار 5 ساعات, ونتاج نقاش موضوعي مع الحضور ولا يمنع تمرير العديد من الرسائل الضمنية والشواهد الدالة على ذلك، ومختصرها:

معاناة المواطنين عبء كبير على حماس، وتسعى بكل جهد للتخفيف منها والسعي لحلها، وهو الدافع المهم للذهاب للمصالحة والتهدئة، لكن لم تصل إلى مرحلة متقدمة في حلها، وتحتاج لمزيد من الصبر، دون تحديد مدة زمنية لإنجازها، لكن حاضرة بقوة وضاغطة.

العقوبات التي تفرضها السلطة تركت تأثيرها الكارثي على الجمهور ولا يمكن أن تتم المصالحة باستمرارها، والرد السلبي لحركة فتح الأخير على المبادرة المصرية سيبعدها كثيرًا عن الواقع، وصعوبة توفير حل آني بديل عن تلك العقوبات، سوى في حال خيارين تتكفل أطراف دولية بتوفير الأموال لذلك، أو الاعتماد على ما يتم تحصيله من الضرائب التي تفرض على معابر غزة، وفي كلتا الحالتين يذهب تجاه حل إجباري مرتبط بالتهدئة، وهو ما لم يتم حسمه حتى الآن، ومن باب الدقة هناك حرص من الفصائل ومن حماس على هذه النقطة ومعالجتها، ومحاولة تجاوز استغلال عباس لها.

القطع بعدم وجود أي اتفاق تهدئة مع الاحتلال وأن النقاط التي طرحت هي أفكار ومقترحات لحل الأزمة في غزة، تتوزع بين أطراف الأزمة ومن يملك ناصية الحلول، في مبدئها التحكم بتوفر معابر ونوافذ اقتصادية مركزها غزة، مع تسهيلات من الاحتلال ومصر والأمم المتحدة وفي ذروتها وجود ممر بحري من غزة لقبرص برعاية أممية وليست إسرائيلية، وعدم تدخل إسرائيل في مرحلة من مراحل نقل البضائع أو تنقل الأفراد.

رسائل كثيرة أرسلت ونشر جزء منها ترتبط بالعلاقة مع الاحتلال، تحمل مضمون التهديد في حالِ شنِّ عدوان على غزة، وهي رسائل تأكيدية وصلت له بطريقة واضحة وعبر وسطاء مختلفين، يمكن اعتبارها ردعية للاحتلال لمنع وقوع أي حرب في المرحلة القادمة، وتأكيدا على عدم رغبة المقاومة في حرب أو تصعيد لاعتبارات كثيرة.

التحرك الشعبي مستمر خلال الفترة القادمة، حتى تحقيق الأهداف التي يتقدمها كسر الحصار وانتهاؤه تماماً، ولا يوجد أي خطوات فعلية لوقفها، إن لم يكن هناك تصعيد لها، وإعادة بعض الأساليب التي تم إيقافها.

كي تتم التهدئة أو المصالحة ترتبط بتحقيق الملفات المهمة المرتبطة بكسر الحصار, من خلال حل مشكلة المعابر والتنقل للمواطن ورفع العقوبات وحل مشكلة الموظفين في غزة، وإطلاق المشاريع المرتبطة بالبنية التحتية والتشغيلية في غزة، وحتى يتم ذلك ستبقى المصالحة تراوح مكانها وكذلك التهدئة التي بدأ الاحتلال المناورة في الوصول لها، أو دفع استحقاقها، كي لا نذهب إلى الحائط الذي يمكن أن يقود الجميع نحو مزيد من الأزمات.

لأول مرة يمكن القول إن الفصائل الفلسطينية أقرب في موقفها لبعضها البعض أكثر من أي مرحلة من المراحل وهو ما يساعد في إمكانية تحقيق الأهداف المرجوة، لكن في كل الحالات هناك حاجة لمزيد من الوقت لإنضاج المواقف وتحقيق الأهداف.