يعتقد بعض التائهين وضحايا الاعلام الصهيوني ان السلطة الفلسطينية كنز فريد لدولة الاحتلال لا يمكن التفريط به باي شكل من الاشكال ولا يمكن التخلي عنه لاي سبب كان حتى لو كان هذا يصب في مصلحة المشروع الصهيوني، ويعتقد البعض خطاً ان السلطة الفلسطينية ليس أكثر من إداه يحتاجها الاحتلال ليستمر احتلاله للأرض وتشريع الاستيطان وتهويد المقدسات، ليس لها أي هدف وطني ولا تعتمد استراتيجية وطنية للأنهاء الاحتلال وتحقيق حلم الشعب الفلسطيني بالتحرر واقامة الدولة وإعلان القدس عاصمة تاريخية للشعب الفلسطينية.
لسنا الان بصدد تقيم أداء السلطة والكشف عن الخلل في أدائها السياسي الداخلي والخارجي لكن يمكننا القول ان هناك خلل في منظومتها الإعلامية بالدرجة الأولى لأنها عاجزة حتي الان عن إيصال أهمية إنجازاتها السياسية للمواطن الفلسطيني بغض النظر عن الانتماء السياسي, وعاجزة عن تحييد كافة المصادر الإعلامية الأخرى التي تستهدف فكر وعقل هذا المواطن وتؤثر سلباً على راية السياسي فيما يتعلق بمسار النضال السياسي والدبلوماسي واهمية استمرارها في هذا المسار بالتوازي مع مسار المقاومة الوطنية على الأرض من اجل انهاء الاحتلال وإقامة الدولة.
مسار النضال الدبلوماسي كمسار المقاومة الوطنية على الأرض بدا مقلقاً لقادة دولة الاحتلال بنفس الدرجة ونفس المستوي وذات الهدف الفلسطيني ليس الان وانما منذ ان قرر الفلسطينيين التوجه للمجتمع الدولي والانضمام لمنظمات الأمم المتحدة والمعاهدات الدولية وفضح الاحتلال وعزل كيانه المحتل الذي لا يعترف بالسلام ولا يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني واولها حقه في تقرير المصير. اليوم عندما نجح نتنياهو في تشكيل الائتلاف اليميني الديني المتشدد اعتمد سياسة جديدة للتعامل مع الفلسطينيين تبدأ من هذه النقطة وخاصة عندما فشلت كل محاولات دولة الاحتلال وحليفتها الولايات المتحدة لثني السلطة عن استكمال طلبها والتصويت عليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة لرفعه لمحكمة العدل الدولية وبعدما فشلت في أسقاط هذا الطلب عبر التصويت، لكن التصويت جاء صادما للاحتلال وداعما للحق الفلسطيني واثبت العالم الحر انه مازال ينحاز للحق الفلسطيني ويناصر نضال الفلسطينيين من اجل التحرر والانعتاق من عبوديته.
جن جنون دولة الاحتلال وقادة حكومتها الجديدة بعد هذا الإنجاز الفلسطيني التاريخي بإحالة ملف الاحتلال الى محكمة العدل الدولية لأبداء الرأي الاستشاري فيما يتعلق بماهية الاحتلال والاستيطان الصهيوني للأرض الفلسطينية عام 1967لابما فيها القدس.
كانت هذه جولة من جولات النضال على الساحة الدولية التي انتصرت فيها فلسطين الي جانب العديد من الجولات التي أصبحت تشكل مسار لجبهة مواجهة دبلوماسية ضارية لا تستطيع دولة الاحتلال تحقيق تقدم وتفوق فيها على الدبلوماسية الفلسطينية وأصبحت هذه الدولة في انحصار وتراجع وانعزال سياسي امام المجتمع الدولي ولم تعد الولايات المتحدة بكل مؤسساتها المركزية تستطيع الوقوف الى جانبها وتحقيق تفوق سياسي ما امام عدالة القضية الفلسطينية وعدالة النضال الفلسطيني المشروع لأنهاء الاحتلال وتحقيق حق تقرير المصير للفلسطينيين.
جملة من الإجراءات العقابية العلنة وغير المعلنة اتخذها (الكابينت الاحتلالي المصغر) بحق القيادات السياسية الفلسطينية وسرقة ما يقارب 140 مليون شيقل من اموال المقاصة بحجة تعويض عائلات المستوطنين الصهاينة الذين قتلوا نتيجة الهجمات الفدائية الفلسطينية,وخصم فوري لدفعات السلطة الفلسطينية الي الاسري الفلسطينيين واسر الشهداء في العام 2022 حسب ما يقرر وزير الامن القومي الصهيوني , هذا بالإضافة لتجميد البناء الفلسطيني في مناطق (ج) باعتباره بناء غير قانوني , وكذلك سحب بطاقات VIP المخططة لكبار الشخصيات الفلسطينية وخصصوا بالأسماء تقييد تحركات كل من الوزير رياض المالكي والسفير رياض منصور مراقب فلسطين في الأمم المتحدة وزياد أبو عمر نائب رئيس الوزراء , وبعد ساعات من هذا القرار قرر وزير الحرب سحب تصاريح ثلاث شخصيات من اللجنة المركزية لحركة فتح بسبب تهنئتهم الأسير المحرر القائد كريم يونس في بيته ببلدة عارة الفلسطينية.
ليس هذا فقط وانما هناك توعدات من قبل وزيري الامن القومي والحرب في دولة الاحتلال بحزمة عقوبات جديدة في المرحلة القادمة ان لم تتراجع السلطة عن مسارها السياسي وخاصة مساعيها في مقاضاة دولة الاحتلال وحشد الدعم الدولي لأسقاط الاحتلال دولياً.
انا اعتقد ان هذه العقوبات مقدمة لمخطط خطير عنوانه تفكيك السلطة الفلسطينية وضم مناطق واسعة من الضفة الغربية وغور الأردن وحسم الوضع التاريخي في المسجد الأقصى لصالح دولة الاحتلال ومشروعها القومي لتنفيذ برنامج كان قد تحدث عنه نتنياهو قبل أسبوعين وهو الحكم الذاتي محدود الصلاحيات للفلسطينيين ,أي إدارة المناطق الفلسطينية تحت السيادة الأمنية الإسرائيلية بمشاركة شخصياتفلسطينية إسرائيلية عربية مشتركة تم تجهيزها وتدريبها منذ فترة طويلة.
القادم خطير ان بقيت قيادة السلطة تتعامل مع تلك العقوبات ببرود وترسل الرسائل بسحب الاعتراف وتنتظر ان يضغط المجتمع الدولي على حكومة (نتنياهو بن غفير) لوقف هذه الإجراءات لأنه بات واضحا ان هذه الحكومة تشن حرب ممنهجة وغير مسبوقة على السلطة الفلسطينية وقياداتها وقد يصل الامر الى الاعتقال والمحاكمة لبعض القيادات وفرض الاقامة الجبرية والنفي لقيادات اخري، ما يعني اننا امام مرحلة تحييد للقيادات الوطنية المؤثرة في السلطة كمقدمة لتحويل المناطق الفلسطينية لكانتونات يحكمها حكام تعينهم دولة الاحتلال وتوفر لهم الحماية الأمنية والدعم المطلوب.
ان لم يكن هناك رد فوري وحاسم على كل حزمة عقوبات بحق السلطة الفلسطينية وقياداتها التاريخين فان دولة الاحتلال ستصل حتما لبرنامجها الممنهج لتفكيك السلطة وتغير الخارطة السياسية للفلسطينيين واول ذلك الرد على حزمة العقوبات في هذه المرحلة بان تقوم السلطة بجمع كافة تصاريح الشخصيات المهمة ورميها على أقرب حاجز احتلالي , وثانيها تعلق الاعتراف بدولة الاحتلال وقطع أي علاقة بالمؤسسات الاحتلالية ,وثالثها تفعيل القيادة الوطنية الموحدة لتتولي قيادة وتوجيه الجماهير لتطوير حالة الاشتباك الجماهيري والمقاوم مع هذا المحتل أي ما يعني تطبيق كافة القرارات التي تم اتخذاها في اجتماع المجلس المركزي 2018 تدريجاً حتي يجد الاحلال نفسه هو من يدفع الثمن الباهض امام هذه الحرب التي تشنها حكومة نتنياهو بن غفير.