مر اقل من شهر على لقاء العقبة الذي عقد بجهود أمريكية كمحاولة أمريكية مصرية اردنية لنزع فتيل التفجير المتوقع في كل لحظة دون ان يتغير شيء على الأرض فشل حقيقي لتلك الجهود وبالتالي فان جميع الاتصالات التي تقودها وزارة الخارجية لوقف الحملة الإسرائيلية المسعورة التي تستهدف المدن والقري الفلسطينية بلا هوداه باتت بلا نتائج إيجابية , لم تتوقف الاجتياحات اليومية للمدن الفلسطينية التي يرتكب فيها الاحتلال المجازر كسياسة ممنهجة لتقويض واضعاف السلطة الفلسطينية وحسم الصراع مع الفلسطينيين ,لم يتوقف القتل والاعدامات الميدانية ولا حتي الاعتقالات ولا هدم البيوت ولم تمنع حكومة نتنياهو المستوطنين من الاعتداء على ممتلكات المواطنين الفلسطينيين في المدن والقري الفلسطينية المحيطة بالمستوطنات , لم توقف حكومة نتنياهو قرصنة الأموال الفلسطينية من الضرائب واستقطاعها بحجة انها تدفع لعائلات الاسري والشهداء الفلسطينيين وبالطبع لم تتوقف حركة الاستيطان وتشريع البؤر الاستيطانية.
هذا يعني ان حكومة نتنياهو لم تلتزم ولو بحرف واحد من تفاهمات العقبة لأنها تعتبر الفلسطينيين هم من يتوجب ان يفعلوا كل شيء يتعلق الضفة واهمها فكفكة التنظيمات المسلحة التي باتت تقلق المؤسسة الأمنية وتشكل تحديات كبيرة على الأرض تعيق حسم حكومة نتنياهو للصراع على الطريقة الصهيونية المتطرفة .
مذبحة جديدة في جنين تضاف الي سجل جرائم الاحتلال التي لن تتوقف حتى لو وضعت واشنطن كومة ضمانات ,عشية الدعوة لاجتماع شرم الشيخ اعدمت قوات الاحتلال الخاصة أربعة شبان فلسطينيين في جنين وتلاها عملية فدائية في حوارة ردا على ذلك قبل ان يصدر البيان الختامي لاجتماع شرم الشيخ لعل هذان الحدثان يرسلا رسالة للأطراف الراعية بان الحلول الأمنية كلها تساوي صفر بمعني انها لن تنجح في تحقيق تهدئة تبقي معها ايدي قوات الاحتلال منطلقة تجتاح وتقتل الفلسطينيين في مناطق الشمال الفلسطيني وعلى الحواجز ليس هذا فقط انما تبقي فيها قطعان المستوطنين منفلته تفعل ما تشاء بحماية جيش الاحتلال.
بيان اجتماع شرم الشيخ قوبل بتصريحات غاية في التطرف لوزير المالية والجيش سموترتش امام حشد في العاصمة الفرنسية باريس في ذكري احياء زعيم حركة الحرية في فرنسا جاك كوبر والتي قال فيها " ان العرب اخترعوا شعبا وهميا من اجل التصدي للحركة الصهيونية وان هذه الحقيقة التاريخية يجب ان تسمع في جميع انحاء العالم بما في ذلك البيت الأبيض في العاصمة واشنطن " وقد انكر سموترتش تماما وجود شعب فلسطين واعتبره اختراع يعود الى اقل من 100 عام.
كما المرة السابقة لاجتماع العقبة وقبل ان يجف حبر بيانها الختامي الذي اعلن عشيته سموترتش "ان حوارة يجب ان تمحي عن الخارطة" اليوم وبعد ساعات على صدور البيان الختامي لاجتماع شرم الشيخ خرج برؤيته لحل الصراع مع الفلسطينيين ما يدلل ان حكومة الاحتلال لديها مخطط لتصفية الوجود الفلسطيني الذي لا تعترف به حكومة دولة الاحتلال والذي حدد فيه للفلسطينيين ثلاث خيارات أولها البقاء في الضفة الغربية والعيش تحت السيادة الإسرائيلية في عدد من الجيوب، منطقة الخليل، وبيت لحم، ورام الله، ونابلس، وجنين ,والخيار الثاني الرحيل عن الضفة مع تقديم دولة الاحتلال المساعدات المالية والخيار الثالث هو معالجة جذرية للفلسطينيين الذين يرفضون الخيارين السابقين بالإشارة الى ان الجيش يستطيع القضاء على “المخربين” خلال وقت قصير، وقتل مَن يجب أن يُقتل، وجمع السلاح حتى الرصاصة الأخيرة، وإعادة الأمن إلى المواطنين الإسرائيليين.
ما لا يريد رعاة منتدي شرم الشيخ الاعتراف به هو ان تحقيق الهدوء بالضفة الغربية وتهيئة المناخات لمسار سياسي حقيقي ينهي الاحتلال يبني على ثلاث مرتكزات أساسية لاي هدوء في المنطقة أولها تحول المشهد السياسي في دولة الاحتلال دراماتيكيا نحو التطرف الحاد وسيطرة المتطرفين الفاشيين على القرار السياسي ما يعني تغير في تعاطي الحكومة الجديدة مع الصراع بمعني ان دولة الاحتلال اليوم ليس كالماضي يمكن ان تقبل الربط بين أي مسارات امنية تقود في القريب العاجل لمسارات سياسية او أي طروحات تقود في النهاية الي حلول سياسية لان اعضاء الحكومة بمن فيهم نتنياهو لا يعترفوا بالفلسطينيين كشعب ولا يعترفوا باي من اتفاقات اوسلوا التي ابرمت برعاية الولايات المتحدة وما هو واقع على الأرض انهم انسحبوا منها من طرف واحد منذ زمن وما يريدوه هو الشق الأمني فقط وليس غيره
في ظل هذا المتغير الخطير يصر الجميع الي ان المسالة يمكن ان تحل ويتحقق الهدوء على الأرض وهذا مغاير لمجريات الأمور التي تقول ان الصراع الان بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو صراع وجود وكيانات سياسية وهوية ودولة وقدس وكرامة , وليس صراع امني يحتم على الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة مصر والأردن كراعين للمنتدي الاستمرار في البحث عن حلول امنية لحالة الاشتباك الحالية والالتقاء مع المسؤولين الامنين ورجال الامن القومي والشاباك الإسرائيلي على اعتقاد انهم يستطيعوا ووقف التصعيد الحادث اليوم في الضفة الغربية وانهاء حالة الاشتباك المسلح بين الفلسطينيين والإسرائيليين المدافعين عن هويتهم ووجودهم وارضهم وتاريخهم.
والمرتكز الثاني الذي لا يريد رعاة منتدى شرم الشيخ الاعتراف به هو ان هناك ضحية ينزف دمها يوميا ويتوجع أصحابها من رجال ونساء واطفال بفعل جرائم الاحتلال الغاشم الذي يستخدم القوة المسلحة لفرض وقائع على الأرض المحتلة تجعل من أي حلول سياسية مستحيلة في المستقبل، وللأسف يستمر رعاة المنتدى في المساواة بين المحتل والفلسطينيين في معادلة لا يمكن ان يقبلها منطق او ان تقود في النهاية الي نهاية حقيقية للصراع يتحقق على أساسها السلام العادل والشامل.
المرتكز الثالث هو انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية وتوحيد استراتيجية التعامل مع المحتل واقتناع الفصائل الأخرى بجدوى المساعي الامريكية المصرية الأردنية كمسار يمكن في النهاية ان يحقق الامن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة على أساس الحل العادل والشامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على قاعدة انهاء كل اشكال الاحتلال العسكري لأراضي العام 1967 بما فيها القدس وإقامة الدولة المستقلة .