أثار قرار المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي وإجراء انتخابات تشريعية خلال ستة أشهر جدلا واسعا بين أبناء الشعب الفلسطيني على كافة المستويات ، وتفاوتت المواقف بين مؤيد ومعارض وشامت في المجلس التشريعي الذي بقي في حالة جمود طوال اثني عشر عاما لم يدافع عنه أعضاؤه كما يجب بل التزم كل عضو بموقف حزبه ،، وبقي لسؤال لماذا كان القرار في هذا الوقت بالذات ؟
والحقيقة التي لم يدركها الكثيرين أن الرئيس لم يطلب من المحكمة الدستورية اتخاذ هذا القرار بشكل مباشر ، ولكن القصة بدأت عندما قام بعض أعضاء المجلس التشريعي برفع قضية أمام المحاكم الفلسطينية احتجاجا على قطع رواتبهم – لأسباب معلومة – منذ عدة أشهر ، وتم عقد عدة جلسات لمناقشة الموضوع وإصدار الحكم ، ورأت تلك المحاكم رفع القضية للمحكمة الدستورية لإبداء الرأي في أن أعضاء التشريعي يستحقون استلام رواتبهم في حال عدم ممارستهم لصلاحياتهم بحكم تعطيل المجلس التشريعي ،، فكان القرار من المحكمة ردا على ذلك التساؤل بالحكم بحل المجلس التشريعي المعطل ووجوب إجراء الانتخابات التشريعية خلال مدة ستة أشهر ،، وأعلن الرئيس احترامه لقرار المحكمة .
بغض النظر عن الإشكالية التي يطرحها المعارضون للقرار فهناك قرار ملزم للرئيس بضرورة إجراء الانتخابات التشريعية ولعل هذه النقطة الإيجابية في الموضوع ، خاصة وأن هذا مطلب شعبي متفق عليه بضرورة تجديد الشرعيات الفلسطينية ، هذه النقطة يجب التمسك بها وليس التوقف عند جزئية " حل التشريعي فقط " ، ويمكن التقدم للمحكمة الدستورية أيضا بطلب إصدار قرار يتعلق بالانتخابات الرئاسية أو التوافق بين الكل الفلسطيني على احترام قرار الدستورية وربطها بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية ضمن توافق عام متفق عليه ,
النظرة الأخرى طالما أن المعارضين هم الأغلبية كما هو معلن فلماذا لا تتوافق هذه الأغلبية على برنامج واضح وصريح ويتم إعلانه للجمهور بشكل مشترك ؟ وما الذي يمنعهم من تشكيل جبهة وطنية تمثلهم وترفع صوتهم بشكل منهجي ووطني يحافظ على المشروع الوطني ؟ كثير من الفصائل والشخصيات تصدر مواقف معارضة وتصدر أحكام قاسية ثم تسكت سكوت القبور ،، هل هكذا يتم الحفاظ على المشروع الوطني ؟ ،، على طريقة قل كلمتك وامشي أو مجرد إثبات " نحن هنا " ،،
المرحلة تتطلب التفكير بطريقة أعمق وأشمل مما تعتقده بعض القيادات ، التحديات جد خطيرة وتحتاج رص الصفوف والاتفاق على برنامج يحقق حقوقنا التي كفلتها الشرائع الدولية ،، أمامنا محطات كثيرة وخطيرة قادمة تفرض علينا التعالي عن الأمور الفرعية والانتباه أكثر للأمور المصيرية .
الكل يتباكى على القانون وكأن الكل ملتزم بنصوص القانون ، وكل طرف يجتزيْ من الفانون النصوص التي تخدم أهدافه ،، والكل يفسر نص القانون كما يرغب ، ويفصل الأمور كما يريد ،، وفي الحقيقة لم يعد القانون هو الموحد للمجموع الفلسطيني كما يجب ان يكون ، ومن هنا اختلف الجميع في تحديد هوية المصلحة الوطنية بسبب غياب المؤسسة التشريعية الرقابية وأمامنا فرصة ذهبية لاستردادها وهذا ما يجب ان نفعله ..