هل هبط على حماس إلهام عبقري نقلها في زمن قياسي من أقصى التشدد إلى أقصى المرونة؟
وهل حصلت الطليعة المتقدمة للإخوان المسلمين على فتوى حاسمة من قيادة التنظيم العالمي بفتح خطوط مباشرة مع الأمريكيين والإسرائيليين، لأن الخطوط غير المباشرة لم تعد كافية؟
وهل اكتشفت الحركة الإسلامية أن هنالك مزايا لا حصر لها من وراء ترك الجهاد الإسلامي يتلقى الضربات بمفرده في موقعة الشهيد أبو العطا؟
وهل وجدت في ليلة خميس أن فعاليات يوم الجمعة استنفذت أغراضها فحق عليها الانفكاك التدريجي منها ثم الإلغاء النهائي؟
وهل تعرفت بعد طول إنكار وتجاهل على مزايا الانتخابات العامة، فردت على رسالة عباس، بقبول متحمس للانتخابات وملأت جيوب د. حنا ناصر بكثير من بطاقات التشجيع والاستعجال؟
وهل ندمت حركة المقاومة على الوقت الذي أهدرته دون الاستفادة من مبادرات "العدو الأمريكي" صاحب المستشفى الميداني، ودون التفكير في أمر الجزيرة الإسرائيلية التي لا تحتاج إلى موافقة حماس على إقامتها، بل تحتاج إلى سخاء الممولين من مختلف الجنسيات؟
أسئلة لها جواب واحد اختصرته بجملة من أربع كلمات، هي تلك التي اخترتها كعنوان لهذه المقالة.
السؤال الذي يتداوله الناس حول هذه الانعطافة القوية في السياسة والاتجاه... لماذا؟
الأمر ليس بحاجة لمراكز بحث ولا حتى أجهزة استخبارات لتدلنا على الجواب، ببساطة لقد سئمت حماس التعامل بالقطارة أو عبر الوسطاء مع رأس النبع، خصوصا وأن الذين يتوسطون هم أصلا أصدقاء أو حلفاء لرأس النبع وامتداداته، فلماذا إذا لا تعتمد القاعدة الحسابية والهندسية التي تقول.. إن أقرب مسافة بين نقطتين هي الخط المستقيم أي المباشر، ذلك أن إسرائيل تقف على بعد مائة متر من حدودها، أما أمريكا فهي كالهواء موجودة في غزة مباشرة أو عبر الوسطاء.
لقد تعبت حماس من التغريد خارج السرب، وانتظار التنقيط في الحلق كل آخر شهر، والتحكم الإسرائيلي في توسيع أو تضييق مساحة الصيد، وسئمت كذلك انتظار الطلائع الإيرانية التي ستنصر اتجاه الممانعة والمقاومة، ولا أخال صديقي إسماعيل هنية في القاهرة للحصول على عتاد لملء البنادق، بل للحصول على دفعة جديدة لما وراء المستشفى الأمريكي .