الرئيس مريض، الرئيس يجري فحوصاً للأذن الوسطى، كل ذلك عادي ولا يستحق انتقاله للعلاج في دول معروفة بتقدمها الطبي. الرئيس يعود إلى المستشفى الاستشاري في رام الله، لإصابته بالتهاب رئوي في الجانب الأيمن، ويتصل به العديد من الرؤساء العرب للاطمئنان ثم الرئيس يظهر أمام التلفزيون وهو يتجول في ردهات المستشفى بدون مساعدة، وبلباس لا يدل على وجوده في حالة صحية خطيرة.
لست أدري ما الذي يمنع أن يتم التعامل مع الحال الصحية للرئيس بشفافية عالية، وكأن المرض عيب. الرئيس إنسان، وهو كما بقية الناس عرضة للإصابة بأمراض، حتى لو أن ثمة من يسهرون على صحته وحركته، والرئيس الإنسان، عرضة للمرض، خصوصاً وأن العمر له أحكامه.
لو أننا كنا كفلسطينيين أمام أوضاع مختلفة تسمح بإجراء الانتخابات فربما كان الرئيس، قد انسحب من سباق الرئاسة بقرار ذاتي ولكن في ضوء الوضع القائم، من الصعب أن ينسحب حتى لو أنه يشعر بالحاجة إلى التخلي عن مسؤولياته. السؤال عن صحة الرئيس يثير الكثير من الأسئلة والاهتمام بشأن صحة الوطن وصحة النظام السياسي، بالرغم من أن صحة الرئيس ليست في مربع الخطر.
السؤال حول صحة الوطن والنظام السياسي، يطرح بين الحين والآخر، مرة بارتباط مع الحالة الصحية، ومرات بدون ذلك، كاستحقاق لعامل العمر، ويعبر عن حالة من القلق إزاء مستقبل النظام السياسي الفلسطيني في اليوم التالي. سؤال له ما يبرره بالتأكيد وهو سؤال الإجابة عليه مستحقة منذ زمن في ضوء تعثر المصالحة الفلسطينية، وغياب الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات. ثمة من يتحسسون إزاء طرح السؤال، ومحاولة الإجابة عنه، وربما على من يطرح السؤال والجواب أن يتوخّى الحذر من أن يؤدي ذلك إلى استفزاز البعض. ولكن حريّ بالمخلصين أن يقدموا رؤيتهم للمستقبل، حتى يشكل ذلك، أساساً لحوار وطني مفيد، أو أن يقدم للناس صورة واضحة لمستقبل نظامهم السياسي.
الموضوع يشكل بالنسبة للبعض مجالاً لسجال غير منطقي يشكل امتداداً لحالة الاشتباك والانقسام وتبادل الاتهامات، فإذا كانت إسرائيل قلقة على صحة الرئيس، فإن هذا ينطوي على إدانة للرئيس والحال أن معاييرنا كفلسطينيين لتقييم أدوار القادة ينبغي أن تكون معايير فلسطينية، وأن تتوخى دائماً حسن الظن، والإيجابية.
نتمنى للرئيس عمراً أطول وصحة أوفر، حتى يتمكن من أن يجيب هو بالسلوك العملي عن ماهية المرحلة المقبلة.
وفق راهن الأوضاع، فإن هناك مخاوف من مرحلة فوضى وصراع. الرئيس منتخب من الشعب الفلسطيني مباشرة، فهل يمكن أن تجري انتخابات رئاسية وتشريعية، تحل هذه المسألة؟ الجواب واضح، إلاّ إذا كان ثمة من يعتقد أن انتخابات، يمكن أن تجري في الضفة الغربية فقط، فالأوضاع كما هي وكما تبدو في قادم الأيام لا تشير إلى إمكانية إجراء انتخابات نزيهة وديمقراطية في ظل استمرار الانقسام. إذا كان هذا الأمر مستبعداً، فإن سيناريو تسليم الرئاسة لرئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز الدويك، استناداً إلى القانون الأساسي الفلسطيني هو أمر مستبعد، أيضاً، ولأسباب كثيرة لا نرى سبباً للتعرض لها.
الخلاصة، هي أن على الرئيس محمود عباس أن يبادر مع الكل الوطني، لتقديم إجابات واضحة، وقانونية.