بدأت الجزائر وسفاراتها المنتشرة بذل الجهود لنجاح جولة المصالحة التي قد تبدأ قريباً بعد وصول الدعوات للفصائل الفلسطينية، وأرسلت حماس وفدا قبل نهاية العام الجاري برئاسة عضو المكتب السياسي سامي أبو زهري لإجراء لقاءات مع مكونات المجتمع الجزائري والدولة الجزائرية.
وفي تقديري أن اللقاءات ستنشط في هذه الأيام والتي ستأخذ الشكل العلني والسري من أجل التحضير الجيد لحوارات الجزائر، وذلك انطلاقا من خشية الطرفين من فشل الحوارات حيث يعزز سيناريو الفشل السياق التاريخي لحوارات المصالحة من القاهرة الى الدوحة وصولا إلى موسكو والرياض ومخيم الشاطئ وليس انتهاءً عند السنغال، وكلنا نخشى أن تنضم الجزائر لقائمة الدول التي فشلت واستغلال ذلك فريق أعداء تقارب الجزائر مع فلسطين.
السؤال المطروح ما هي فرص النجاح والفشل؟ وما هي التوصية للمتحاورين وللدولة الجزائرية؟
أولاً: فرص النجاح
١. مكانة الجزائر في قلوب الفلسطينيين والعكس صحيح ووقوف الجزائر على مسافة واحدة بين الجميع تشكل فرصة لنجاح الحوارات في ظل دوران قطار التطبيع. يشكل فرصة النجاح لأن الفشل قد يدفعنا لخسارة ساحة عربية جديدة بالغة الأهمية.
٢. انسداد الأفق السياسي في المجتمع الإسرائيلي الذي يفرز حكومات تتقاطع مع رفض حل الدولتين واستمرار الاستيطان والتهويد والعدوان وتتوافق على استمرارية وديمومة الانقسام.
٣. رئاسة الجزائر لمؤتمر القمة العربية في مارس المقبل.
ثانياً: فرص الفشل.
١. غياب الإرادة السياسية لإنهاء الانقسام ويعزز هذا الغياب جماعات المصالح في الداخل الفلسطيني والتوجه الصهيوني.
٢. عدم وجود تغيير كبير لا في شخوص من يقود الوفود ولا في توجهات الفصائل. فما زالت الفجوة في الرؤية والأهداف والأدوات كبيرة.
٣. التعاطي مع نداءات المصالحة من الدول بروتوكوليا وليس تعاطي يعبر عن إرادة حقيقية بالتغيير.
٤. لا أعتقد أن تجاوز مصر كراعي حصري للمصالحة سيكون غائبا عن المتحاورين.
٥. لم يعد الانقسام مدخلاته فلسطينية فهناك أطراف عدة تريد استمراره وعلى رأسها اسرائيل.
المتتبع لهذا التقدير يخلص أن فرص الفشل كبيرة وهامة وأن تداعيات ذلك كبيرة على موقع القضية الفلسطينية في وجدان الدولة الجزائرية.
التوصية:
جيد فعلت الجزائر بأن أرسلت دعوات للفصائل الفلسطينية وتوصيتي هنا إضافة المؤثرين في المشهد الفلسطيني من ناشطين ومفكرين ومثقفين ليكون بمثابة مؤتمر موازي لحوارات الفصائل لدعم وتهيئة الرأي العام للضغط من أجل نجاح الحوارات وتطبيقها على الأرض، كما أوصي الدولة الجزائرية بإشراك الدول الفاعلة لاسيما مصر وقطر من أجل ضمان تكامل الأدوار والجهود، وأوصي الجزائر والفصائل بأن تكون الحوارات منفردة مع كل فصيل على حدة لتقديم رؤيته، ومن ثم عرض كافة الرؤى على مجموعات فكرية متخصصة من الدولة الجزائرية ومن المؤثرين الفلسطينيين المتواجدين بجانب الفصائل والذي يقتصر دورهم على مساعدة الدولة الجزائرية في إيجاد حلول، وبعد ذلك تقديم خارطة طريق جزائرية على الفصائل لإقرارها متضمنة الإجابة على كافة التساؤلات التي فجرت وثائق المصالحة في مراحل سابقة، ومن ثم تسويق المخرجات وتشكيل حواضن دعم لها على المستوى الشعبي الفلسطيني.
إن الإعداد الجيد لحوارات الجزائر يجب أن يضمن النجاح، أو التفكير الجدي في تأجيل جولات المصالحة إلى حين إنضاج الملف بشكل أكبر إذا ترجح سيناريو الفشل.