لا يعرف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس تفاصيل القوة العسكرية لكتائب القسام، ولا يعرف الدكتور الزهار كيف يتم تهريب السلاح، وعن أي طريق؟ ولا يعرف الدكتور خليل الحية تفاصيل الجهد المبذول في تطوير القدرات القتالية، ولا يتابع الدكتور صلاح البردويل آلية تخزين السلاح، ولا كيف يتحرك الأبطال داخل النفق، ولا متى يخرجون، فكل ما يعرفه إسماعيل هنية ومحمود الزهار وخليل الحية وكل قيادة حركة حماس السياسية، كل ما يعرفه هؤلاء أن لدى الشعب الفلسطيني قوة مقاومة لها بأس شديد، قوة قادرة على أن توجع العدو، وتعد له المفاجآت، بما في ذلك نقل المعركة، وتغير الخريطة السياسية، ولكن دون الخوض في التفاصيل.
تفاصيل شأن المقاومة، وتفاصيل التفاصيل من اختصاص المجلس العسكري لكتائب القسام، فهو الذي يعرف مصادر التمويل، وكيف يتم التدريب، وتجهيز الفعالية القتالية، وكل ما يتعلق بالمواجهة من إعداد وتمويل ودعم وتطور تكنولوجيا وغير ذلك من نشاط سري لا يعرف دقائقه إلا القليل من الرجال، ومن ضمنهم يحيى السنوار الذي أشاد في أكثر من مناسبة بدور إيران في دعم المقاومة الفلسطينية، وأشاد أخيراً برئيس فيلق القدس قاسم سليماني، ودورة في تعزيز القدرات القتالية لرجال المقاومة في فلسطين.
وكل إناء ينضح بما فيه، وإناء السنوار الميداني ينضح بالتجربة القتالية التي ملأت أنفاق المقاومة بالصواريخ، وفرضت عليه أن يقول شكراً إيران، لولا الدعم العسكري الذي قدمته لنا إيران، لما كانت لنا هذه القدرة على مواجهة عدونا الإسرائيلي، ودون ذكر التفاصيل التي ستظل قيد المفاجأة في أي مواجهة قادمة.
الشكر لدولة إيران لا يغضب إلا أولئك الذي وقعوا في كمين الطائفية، أو أمدوها بالأحقاد دون انتباه لخطرها، أو أولئك الذين أحرقتهم نيرانها، بعد أن كانوا الوقود لمصالح بعض الدول الحبيبية على قلب أمريكا، والشكر لدولة إيران لا يغضب إلا أولئك الذين وظفوا الطائفية لأغراضهم السياسية، ومدوا يدهم بعيداً حتى التقت مع اليد الإسرائيلية، وعانقتها، وهي تعلن بلسان الرئيس الأمريكي ترامب على أرض المملكة العربية السعودية أن حركة حماس هي حركة إرهابية، وأن المقاومة الفلسطينية للمجرم الصهيوني هي إرهاب، وأن أصدقاء أمريكا حرب على المقاومة اللبنانية والفلسطينية لأنها أرعبت الصهاينة، وقضت مضاجعهم.
لقد اعتمد البعض مسلسل الأحداث المأساوية التي عصفت بسوريا والعراق منطلقاً للهجوم على إيران من جهة، وللحقد على قائد فيلق القدس قاسم سليماني من جهة أخرى، ولاسيما أن مشاهد الفظائع التي لحقت بالمدنيين تدمي الروح، وتعبئ الصدر بالنيران، ولا ينكر سوءة الطائفية ولهيب أحقادها إلا جاهل، ولعل هذا هو الدافع لكل العقلاء كي يهربوا من ويلات الطائفية، ويتفادوا جحيمها، وذلك من خلال قطع اليد الخفية الخبيثة التي أشعلت نيرانها بين المسلمين، من هنا جاء تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خير شاهد على ذلك حين اتهم العالم الغربي بالسعي لتقسيم الإسلام، فقال: نحن لسنا ممن يميزون بين السني والشيعي، نحن ديننا ليس السنية ولا الشيعية، نحن ديننا واحد وهو الإسلام، وتابع أردوغان، حسب ما نقلته قناة “TRT” التركية الرسمية: “نحن نفعل ما يأمر به الإسلام. لقد قسموا المسلمين إلى شيعة وسنة، وينبغي توخي الحذر الشديد كي لا نقع في مثل هذا الفخ.
لقد وقفت إيران وتركيا وماليزيا وباكستان وكل حبيب للقدس في خندق واحد ضد أمريكا وإسرائيل وحلفائهم في المنطقة العربية، أولئك الذي يشعلون نار الطائفية، ويمدونها بزيت الأحقاد، وترتعب مفاصلهم حين يصرخ مقاوم فلسطيني في الميدان: شكراً إيران.