منذ أن حطت أقدام حكومة التوافق الوطني أرض قطاع غزة، شعر المواطن الفلسطيني أن الغمة ستزول وأن بريق الأمل بدأ يتحقق، والدليل على ذلك كمية الجماهير التي خرجت لاستقبال رئيس الوزراء رامي الحمد لله والوفود المرافقة له.
طبعاً المواطن الغلبان الذي أرهقته المناكفات السياسية لم يعلم بأن الطريق مليئة بالأشواك التي زرعت بأيدي من أسس لهذا الانقسام المرير، والذي تحمل تبعياته جميع أطياف الشعب الفلسطيني من مرضى وعمال وخريجين، وكانت فقط الاستفادة من ذلك الانقسام لبعض الفئات المتنفذة في غزة هي من استفادت وحصدت الغنائم.
لا نريد أن نخوض أكثر في الوجع، ولا نريد أن ننظر للخلف، بل نريد أن تبقى الأنظار متجهة إلى نقطة الضوء والأمل الذي يحاكي أحلام الجميع، بأن زوال هذه الانقسام سيزول مادامت هناك الإرادة الصادقة، والتي شعر بها المواطن البسيط منذ تولي الأخ يحيى السنوار قيادة حركة حماس وبدأ يعدل بالنهج ومسار الحركة في اتجاه التفكير الجدي نحو المصالحة الوطنية.
طبعاً الطريق يجب أن يعيه الجميع ليس مليئاً بالورود، بل مكدس بالأشواك ولكن رغم تلك الأشواك لن ينتزعها من أجسادنا إلا نحن أبناء الدم والوطن الواحد، أبناء الجرح والقضية الواحدة.
يجب على طرفي الانقسام أن يقدم كلٌ منهما التنازلات حتى تسير المركب، وأن لا توضع العصي بالدواليب، فهناك شعب يموت وأغرقته كل عذابات الفقر والمرض، نريد أن يحيى كريماً، يجب أن تكافؤه على صبره بإزالة كل الويلات التي تعرض لها.
وحتى نكون منصفين عندما أرادت الحكومة أن يكون تمكينها أساس لنجاح المصالحة، هذا مطلب منطقي، لأنه لا يعقل أن تأتي حكومة التوافق الوطني كصراف آلي لحركة حماس حتى تحل مشاكلها ومشاكل موظفيها فقط، بل يجب أن يعلم الجميع أن هناك شعب وجيش من الخريجين من حقهم أن يحصلوا على وظائف لكي يكملوا ما تبقى لهم من عمر وهم كراماً كباقي البشر، لأنه لا يعقل بعد كل هذه المعاناة التي سببتها حركة حماس على القطاع أن تكافأ بتحقيق كامل مطالبها وننسى الشعب الذي ظلم وسلبت جميع حقوقه بسبب ذلك الانقسام.
كذلك بالنسبة للعقوبات التي فرضت على قطاع غزة من قبل السلطة الفلسطينية مرفوضة لأنه من يجني أثارها الشعب، لأن تلك العقوبات أثرت على جميع مناحي الحياة وتحمل مجدداً أثارها المواطن الغلبان، بائع البسطة والسائق والعامل والمريض والخريج.
كذلك بالنسبة للتقاعد المبكر مرفوض، ولكن إذا كان الهدف من هذا التقاعد تشغيل الخريجين وإحياء أرواح دفنت وتقاعدت وهي لم تحصل على فرصة للعمل فهذا أيضاً منطقي.
لذلك يجب أن يكون الهدف من هذه المصالحة وبكل صراحة هو التخفيف وإنهاء معاناة الشعب وأن يكون الخلاص من معاناته هو حجر الأساس، وأن لا يكون تقاسم للسلطة والمكاسب بين طرفي الانقسام هو الهدف من المصالحة.
يجب أن ندرك بأن هناك مؤامرات كبيرة تحاك ضد القضية الفلسطينية وما تبقى من مقومات لإقامة الدولة الفلسطينية والدليل على ذلك ما تسمى بصفقة القرن التي تحاك من قبل الإدارة الأمريكية بقيادة "ترامب" خير دليل، وذلك من خلال إغلاق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية والتهديد بوقف المساعدات المالية، وذلك للضغط على السلطة الفلسطينية حتى تقبل بشروط الكيان الإسرائيلي والأمريكي لقيام دولة فلسطينية بدون سيادة وبدون أي مقومات للحياة.
يجب أن نتوحد وان تكون هناك مرونة في التعامل مع خطوات وبنود المصالحة الوطنية حتى ينتهي الانقسام ونكون موحدين في وجه أي مؤامرات تحاك ضدنا.