ما يحصل اليوم من مشاهد على الساحة الفلسطينية عبارة عن مسرحية مكونة من عدة فصول ومشاهد، أهم تلك الفصول هو صراع الإرادات بين حركتي فتح وحماس لاستعادة كل منها قوتها ونفوذها للمرحلة المقبلة وهي الانتخابات.
طبعا المسرحية طالت فصولها ومشاهدها، فبالنسبة لحركة حماس وما تقوم به الآن من الرجوع خطوة للخلف ووضع الكرة في ملعب حركة فتح والرئيس الفلسطيني محمود عباس ومحاولة التهرب من مسئولياتها، وجعل السلطة الفلسطينية تتحمل نتيجة 11عام من تكدس للأعباء وتحاول أن تكون الحمل الوديع بالنسبة للشعب وللفصائل وأنها سلمت كل شيء في غزة حتى تكون ظاهرياً غير متسببة في حال فشل المصالحة، وفشل قدرة السلطة حل كامل الملفات الشائكة التي تركتها حركة حماس خلال حكمها للقطاع، طبعاً حركة حماس تريد من السلطة حل مشاكل وملفات غزة رزمة واحدة بعدما تنحت عن السلطة، وهي تدرك من خلال رؤيتهم الداخلية أن السلطة الفلسطينية غير قادرة على حل تلك الملفات، وهنا سوف تعتبر حركة حماس فشل السلطة في حل ملفات غزة ومشاكلها نجاح حركة حماس وأن المتسبب في فشل المصالحة هي السلطة الفلسطينية أو بالأحرى حركة فتح المنافس الأقوى لها فلسطينيا.
أما بالنسبة للسلطة الفلسطينية وحركة فتح وما تعيشه الآن من حالة تعتبر نفسها هي اللاعب الأساسي في الملعب، تريد أن تستعيد قوتها بعد الهزل والمرض الذي أصاب الحركة في عام 2006، عندما خسرت في الانتخابات التشريعية وسيطرت حركة حماس على أغلبية مقاعد المجلس التشريعي، ومن ثم السيطرة على قطاع غزة، فهي الآن تحاول أن تعيش هذه الحالة القيادية من خلال الشروط التي تضعها لتنجح عملية المصالحة، وأهمها التمكين وستستمر السلطة في إخضاع حركة حماس حتى تعود الهيبة التي سلبت منها في عام 2006، والتي وصلت في حينه حركة فتح مرحلة الشيخوخة، والآن تحاول أن تكون فرصتها لتعود لمرحلة الشباب لكي تحسن صورتها داخلياً من خلال الظهور بمظهر المنتصر للشعب، وأن حركة حماس لم تستطيع الاستمرار في إدارة غزة وأنها فشلت، كذلك تريد أن تحسن صورتها خارجياً لدول الجوار والإقليم أن تجربة حركة حماس والتيارات الإسلامية فشلت.
طبعاً المتأمل في ما تم سرده هو محاولة كل طرف أن يوقع الطرف الآخر في الخطأ لكي يكون المكسب له في أي مرحلة قادمة للانتخابات، ونسي طرفين أن هناك شعب يموت، واليوم عنده بسنة من شدة المعاناة والألم الذي يعانيه، وفي حال استمرت هكذا مناكفات لم تنجح المصالحة ولم ترى النور، والخاسر مجدداً الشعب والمشروع الوطني.
الحل بسيط وهو إصلاح النوايا بأن الوطن للجميع وبأن الوطن ما زال يخضع للاحتلال الإسرائيلي ويحتاج لنا سويا من أجل التحرير، كذلك يجب أن نكون عقلانيين من خلال النظر لتجربة الكيان الإسرائيلي وكيف تتعامل الأحزاب الإسرائيلية مع بعضها البعض، صحيح تتصارع للوصول لسدة الحكم ولكن هناك هدف أساسي عندهم وتُجمع عليه وهو أن مصلحة الدولة وأفراد الشعب في مقدمة خططهم وليس مصلحة حزبهم، لذلك يجب أن نقوم بتغيير ثقافاتنا وعقولنا وأن نحترم ونتقبل الأخر وأن يكون مصلحة الشعب والوطن فوق أي مصلحة حزبية، ويجب أن نكون مدركين وعلى يقين بأنه في حال استمرت تلك المسرحية التي تراوح مكانها وعنوانها الانقسام بدون مصالحة حقيقية تتم مبنية على قواعد وطنية وشراكة حقيقية سيكون الخاسر الجميع ولن يكتب لأي طرف النجاح، لأنهم أصبحوا الآن يراهنوا على نهاية وموت المشروع الوطني في حال استمرت هذه المهازل والاستهانة بالشعب ومصيره ومعاناته وهم لا يعلمون كذلك بأنه في حال استمر وطال عمر الانقسام سيؤثر على الطرفين في أي استحقاق للانتخابات القادمة.