للمرة الثانية أدخلت اسرائيل الأموال لحركة حماس والتي قال العمادي السفير القطري أنه ينسق مع تل أبيب وواشنطن في كل شيء وكشفت اسرائيل آلية المراقبة التي تتبعها أجهزتها الأمنية والتي قالت أنها راضية عن آلية الصرف المتبعة وبالأسماء التي تحددها.
من حق موظف حركة حماس الحصول على المال مثلهم مثل أي أسرة في قطاع غزة ولكن الأموال التي تأتي من قطر وبهذا الشكل أصبحت محل تساؤلات على وسائل التواصل الاجتماعي وهي نفسها اسرائيل التي كانت تعتقل أي مواطن قبل فترة وجيزة بحجة نقل الأموال لحماس أو تقصف محلات صرافة بتهمة مساعدة حركة حماس مالياً أو تصادر بضائع من الميناء لأنها تبييض أموال للحركة فما الذي يجعلها تشرف على نقل الأموال بهذا الشكل المريح؟ لا شك أن الاجابة معروفة للكثير.
الجميع يعلم أن اسرائيل تتعاطى مع غزة باعتبارها منطقة أمن قومي ولا تسمح بإزاحة حجر عن الآخر دون رغبتها وخاصة التدخلات الخارجية وهو ما يدعو للقلق من تلك التدخلات باعتبار المشروع الاسرائيلي الأكثر علانية هو فصل غزة أو التخلص منها وهو ما يؤكده مسار الأحداث وانعدام المصالحة بالتعنت الحاصل بين الجانبين والذي يمهد الطريق لذلك المشروع.
ومع كل هذا الذي جرى بحثه والكتابة عنه والتحريض ضده لكن يبدو أن العلاقة القطرية المتينة لحركة حماس وللسلطة أيضاً تطرح العديد من التساؤلات حول ما يحدث واذا كان لحركة حماس مصلحة مالية مباشرة بالحصول على المال القطري فما هي مصلحة السلطة بالصمت عن الدور القطري أو الممانعة الخجولة ان وجدت؟ وهو سؤال لازال يشكل لغزاً لكل المراقبين وهو دور بالقطع يتعارض مع أهداف ومصالح السلطة وسياساتها المعلنة تجاه قطاع غزة فالسلطة تحاول أن تتخذ اجراءات عقابية تقول أنها تهدف للضغط على حماس فيما قطر تفسد عليها ما تفعل.
وان كان هذا لايزال مطروحاً لكن الأكثر الحاحاً وهو حالة الناس البائسة هنا في غزة والتي تزداد فقراً واذا كانت السلطة تصرف لموظفيها نصف راتب يمكنهم العيش بالحد الأدنى واذا كانت حماس قد أوجدت حلاً مؤقتاً لمدة ستة أشهر رواتب موظفيها فهل تفكر بمليونين من البشر قررت أن تحكمهم وتغلق غزة أمامهم وهي تعرف مسبقاً أو حتى بعد طردها للسلطة تأكدت أنها ستتسبب بإغلاق غزة وانعدام وسائل الحياة فيها وبعد أن عرفت هل ترى بأن الحل يكمن بتوفير رواتب موظفيها فقط؟.
غزة في عهد حماس تعيش على التنفس الاصطناعي أو كما قال ليبرمان الأكثر صراحة في اسرائيل أن يبقى رأسها فوق الماء ويبدو أن القليل من المال القطري هدفه ألا تغرق غزة لإبقاء الرأس فوق الماء وكلما شارفت على الغرق تتدبر اسرائيل الأمر فهل هذا هو الشكل الذي نرتضيه على شعبنا أو تقبله حركة حماس كشعب تحت حكمها؟.
في الأمر ما يدعو للتفكير لأن الخطة الاسرائيلية طويلة الأمد ويبدو أن اسرائيل ستقوم على عملية الفصل بالتدريج وأثناء ذلك تستمر في اغراق الجسد الغزي وابقاء الرأس وتترك للأطراف أن تستمر بكل جهدها حتى تخور قواها وتستسلم وتنتهي أية قدرة على الممانعة لتدفعها الى حيث تريد بلا ممانعة وهذا يستدعي مزيداً من الوقت واسرائيل التي خططت للمشروع منذ 1984 ليست في عجلة من أمرها.
ولكن الى حين اتمامه يكون هنا بقايا شعب اذ تكفي أرقام العوانس هنا وفقدان المقدرة على الزواج واحصائيات كارثية هنا وما لحق من نكبات اجتماعية لأن تحدث زلزالاً تحت أقدام كل المسئولين، لقد دخل قطاع غزة بقدميه وبيد حماس في نفق مظلم ولا نعرف كيفية الخروج منه ولكن نعرف أن خمسة عشر مليون دولار هي تمديد للأزمة وليست حلاً لها.